آخر الأخبار

يؤتى الحذر من مأمنه

إدريس بوطور

( يؤتى الحذر من مأمنه ) يؤتى ” بضم الياء و سكون الهمزة ” الحذر ” بفتح الحاء وكسر الذال ”  إنه مثل من الاقوال العربية السائرة قبل الاسلام وما زال أثره ساري المفعول إلى حدود كتابة هذه التدوينة ، ومفاده أن الخطر قد يأتي من الجهة التي يأمنها الإنسان . فمن المعروف والمتداول أن الإنسان دائما يحتاط من العدو الظاهر والبادي والمعلن ، ولا يتخذ أي احتياط ممن يثق بهم ويطمئن إليهم.

فعندما يقول هذا المثل بصريح العبارة “يؤتى الحذر من مأمنه ” فهو يصور صدمة الإنسان عندما يطعن بيد أعز الناس واقربهم إلى وجدانه ، لأن من نثق فيه يكون موضعا أمينا لأسرارنا ، وعلى دراية تامة بنقط ضعفنا ، ومسالك تحركاتنا . هذا الشخص المؤتمن (بفتح الميم الثانية ) هو الذي قصده الشاعر العباسي الطغرائي في قصيدته “لامية العجم ” بقوله (أعدى عدوك أدنى من وثقت به ** فحاذر الناس واصحبهم على دخل ) . ولنا في قراءة دروس التاريخ وعبره أمثلة عديدة ونماذج صارخة على صحة هذا المثل السائر “يؤتى الحذر من مأمنه ” أورد منها نموذجا واحدا يتعلق بالامبراطور الروماني الشهير يوليوس قيصر الذي اغتيل غدرا بالرغم من كل ما انجزه لشعبه ولروما ، لكن الطمع والجشع قاد المقربين منه وعلى رأسهم “بروتوس” إلى اغتياله ** “بروتوس” هذا هو أقرب رجاله وأصدقائه إلى قلبه ، عندما سقط يوليوس قيصر أرضا وهو مضرج في دمائه ،رفع عينيه إلى “بروتوس” وقال له “حتى أنت يا بروتوس” وكانت هذه آخر كلمات الإمبراطور يوليوس قيصر قيد حياته ** خلاصة القول أنني لا أروم من نشر تدوينتي هذه التخويف من الأقرباء والأصدقاء ومن ربط علاقات الصداقة ووضع الثقة في الآخر ، فلا بد في هذه الحياة من التواصل والتصادق والتقارب بين بني الإنسان ، إلا أنه ينبغي أن يكون هذا التصادق وهذه العلاقة في حدود ، وأن لا تصل إلى الثقة العمياء، وأن يحافظ الإنسان على صيانة علبة اسراره ولا يفتحها كاملة لمن يثق فيه وبه ، تحسبا واحتياطا لأي طارئ يمكن أن يقلب فيه الأصدقاء والأقارب ظهر المجن/