آخر الأخبار

هوس اليوتوب يفقد مصداقية حكواتي آخر الزمن

عبد الرزاق الحيحي 

نشرت جريدة مراكش اليوم قبل أيام قليلة مقالا تحت عنوان “الحكواتيون الرقميون الجدد” تناول مشكل سرد حكايات يوردها بعض المتقاعدين الأمنيين بدعوى أنهم أنجزوا مساطر بحث بخصوصها أو شاركوا في البحث فيها، إلا أن أغلب ما يحكيه هؤلاء تتخلله مبالغات ومغالطات وأحيانا هفوات قانونية وتقنية قل من ينتبه لها، وتطرح عدة تساؤلات من ضمنها هل النيابة العامة والقضاء الجالس قد أخذا فعلا بما تضمنته تلك المساطر رغم ما تضمنته من خروقات وهفوات قانونية وتقنية قد تكون سببا في الزج بأبرياء داخل أسوار السجون؟ كما تمت الإشارة إلى أن هذه الحكايات قد تسيء لسمعة الجهاز الأمني الذي هو محط افتخار كل المغاربة وموضوع تنويهات من دول عظمى جنبها الأمن المغربي الأسوء، واستطاعت بفضل تقارير استخباراتية أدت لوأد جرائم إرهابية خطيرة وهي في المهد.
سبق تنبيه بعض من هؤلاء الإخوة لما يقعون فيه من هفوات وأخطاء قانونية فادحة أثناء سردهم لبعض الحكايات دون احترام لعقلية المستمع أو المشاهد، وإلا فكيف يصدق المشاهد ما ورد بإحدى الحكايات أن سيارة إسعاف على متنها حالة مستعجلة في اتجاه مؤسسة صحية لإجراء عملية جراحية تم تسجيل مخالفة ضد سائقها لكونه لم يحترم حق الأسبقية والأولوية لمرور مركبة آتية عن يمينه؟ وليته ذكر السبب الوحيد والقانوني الذي يبرر ثبوت تلك المخالفة، ولم يذكر الراوي كيف تفاعل مع الحالة المرضية المستعجلة التي كانت على متنها؛ ولا بأس أن أحيل المتكلم على قانون مدونة السير التي تشير في إحدى فقرات فصولها للمركبات التي لها حق الأسبقية في المرور، ومنها سيارات الإسعاف.
زميل متقاعد آخر مشهور على اليوتيوب يحكي عن أحد أساطين الشرطة القضائية بالمغرب، الحاج إدريس التباع رحمه الله، ويروي معطيات مغلوطة عنه، إذ يقول بالحرف : “اتّصْلُوا بِيَّا أولادْ سي التباع، فِيهُمْ تبارك الله للِّي في القضاء…” ، مما يدل على أنه لا يعرف عن السيد إدريس التباع سوى الاسم ، لأن هذا الأخير رحمه الله لم يخلف بعد مماته سوى ولد وبنت تصغره بعد فقده لبنت والولد البكر، ولم يمارس أي من أبناء الحاج التباع مهنة القضاء كما ادعى، وولداه معا كانا يتعاطيان لميدان الأعمال.
فهل يمكن أن يكون رفع عدد المشاهدات وجني أرباح من اليوتيوب دافعا لاستمرار ظاهرة سرد حكايات بوليسية قد تكون حقيقية مع إضفاء بعض الرتوشات التي لا علاقة لها بالقضية، وأحيانا خلق حكايات تتخللها إجراءات تنم عن انعدام التكوين المعرفي والقانوني والتقني لدى المتكلم، ولا تفيد في شيء، فيصبح المتلقي رقما إضافيا ضمن عدد المشاهدين لا أقل ولا أكثر.