آخر الأخبار

قــصــبــة ابــن حــمـيــدوش

إدريس بوطور

( … هي قصبة بادية الاستكانة ، معترفة من الدهر بالإهانة ، قد جر عليها الخراب ذيله، وأدار عليها الزمان نهاره وليله ) هذه الجمل المسجوعة والمنظومة هي لشاعر أديب قالها عندما كان برفقة السلطان الحسن الاول في إحدى جولاته ، وذلك عندما مر بالقرب من قصبة ” ابن حميدوش” . وقد صور من خلال هذه الكلمات ومنذ زهاء 120 سنة الحالة المتدهورة التي اصبحت عليها القصبة ، وما زالت لحد الساعة تحتضر وتصارع النزع الأخير من عمرها ** قصبة “ابن حميدوش ” معلمة وذاكرة وموروث انساني ثقافي وحضاري، تقع على الضفة اليسرى من مصب نهر تانسيفت بإقليم أسفي قبيلة رتنانة قرب زاوية سيدي احساين الركراكي ، ومصطاف الصويرية ، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى عائلة “ابن حميدوش” وهم من أعيان المنطقة كانوا مكلفين بالسهر على صيانتها وحراستها وتدبير شؤونها . بناء منيع واسع الأرجاء ذو شكل مستطيل ، محصن بسور عال وسميك وخنادق وثمانية ابراج للمراقبة والدفاع . أما بداخلها فقد كانت مخازن وأهرية وحجرات واسعة ، ومسجد بمنارته وحديقة غناء ، وتدل آثارها الحالية أنها كانت آية في الفن المعماري المغربي الأصيل . تضاربت الروايات التاريخية حول هوية مؤسسها ، فالعديد منها اتفقت على نسبة التأسيس إلى السلطان العلوي المولى اسماعيل ، إلا أن بعض الابحاث التاريخية والتي ما زالت متواصلة ، نسبت تأسيس هذه القصبة إلى أبي الحسن المريني ، وكانت تسمى قصبة “السلطان الأكحل” . ومن المعلوم أن المرينيين أهتموا بتحصين ثغر أسفي وأسواره الموحدية ، ومن الممكن أن هذه التحصينات المرينية قد وصلت الى مصب تانسيفت ببناء هذه القصبة . وبعد مرور قرون على هذا التأسيس جاء المولى اسماعيل ليدعم تحصيناتها ويضيف في معمارها الكثير . وبعد موته ودخول المغرب في فوضى الصراع على الحكم ، تراجع الاهتمام بها الى ان وصلت الى الحالة التى وصفها بها شاعر الحسن الاول في مقدمة هذه التدوينة . ثم صارعت بعد ذلك صروف الدهر وما زالت الى حدود الساعة تشكو اليباب والخراب الذي وصلته بفعل النهب وسرقة مكوناتها الثمينة ، وكذا بفعل المؤثرات المناخية وتوالي الزمان دون اصلاح أو ترميم ** مجمل القول أن إعادة بعث هذه المعلمة التاريخية وغيرها بترميمها من طرف الجهات المختصة يشكل قيمة مضافة للنشاط السياحي ومصدرا هاما لدعم الاقتصاد الوطني ، والنموذج هو المآثر العربية في الاندلس والتي تشكل حاليا بالنسبة لإسبانيا مصدرا سياحيا واقتصاديا أساسيا /