27
عبد العزيز المجدوبي
3 – خصوصیات جامع الفنا :
تتفرد جامع الفنا بخصوصيات قلما تشاركها فيها ساحات أخرى.
1 – الحرية :
تدخل جامع الفنا من أية جهة تريد فهي غير مسورة وبدون أبواب . مجال مفتوح على مصراعيه أمام الرواد . تستطيع التجول بين حلقاتها بدون أي حاجز أو إكراه أو عرقلة، تقف حيث تشاء تصفق تشارك تدعم تجود ، تضحك تغني ترقص، تلعب باختصار تحقق ذاتك بنفسك.
التنافس القوي و البريء
يتم هذا التنافس “الحلايقيا” لأن مدخول الحلقة هو المصدر الأساسي أو التكميلي لإعالة العائلة، لذا يجب الوصول إليه بكل الوسائل، وهكذا يستعمل الحلايقي طرق الإشهار السيكولوجية الدالة على افتتاحه الحلقته أو حلقتهم) : تعابير كلامية خاصة أنغام موسيقية، افتعال مشاهد مثيرة تجلب اهتمام الجمهور وتحول بعض من الحلقات الأخرى نحو حلقته (حلقتهم لإرضاء الفضول واستكشاف الجديد. وقد يتنافس الحلايقية في الإشهار هذا خاصة بعد صلاة العصر حيث الزوار وتتعدد الحلقات. ج – المجانية :
بجامع الفنا أغلب العروض بالمجان. تشاهد بالمجان، تشارك بالمجان أو تصبح عنصرا فاعلا في الحلقة : حلايقي دون أن تدري لا أحد يرغمك على أن تؤدي، وإذا فعلت ذلك فعن طواعية خالصة، اللهم إذا تعلق الأمر بخدمة معينة تتطلب مقابلا كالأكل أو شراء خدمة ،فقيه أو أعشاب أو شوافة، أو استعمال آلة معينة، أو مشاركة في لعبة بقصد الربح الطمع أو المنفعية الخاصة دافعك الأول والأخير للأداء.
د – القرب :
– تتميز جامع الفنا بارتباطها بكافة أحياء مراكش الكبرى عبر وسائل نقل متنوعة خاصة وعمومية : الدراجات الدراجات النارية السيارات الخصوصية الحافلات العمومية، سيارات الأجرة بصنفيها الصغيرة والكبيرة، عربات الخيول و معظم مواقف الإنطلاق والنهاية لوسائل النقل العمومية توجد بجامع الفنا.
تتواجد الأسواق على مرمى حجر من الساحة الشهيرة.
– تقبع العديد من المآثر التاريخية على بعد أمتار من الساحة تشهد على مراحل متنوعة من تاريخ المدينة : مسجد وصومعة الكتبية، قصر البديع، قبور السعديين، متحف دار السي سعيد قصر الباهية باب اكناو جزء من السور المرابطي ، قبر يوسف بن تاشفين .
وعلى بعد خطوات تستقبلك مجموعة من الفنادق : فندق المامونية – نادي البحر الأبيض المتوسط، فندق فوكو، فندق التازي وتحيط بالساحة مجموعة من المقاهي والمطاعم بمناظر خيالية وإشراف ” بانورامي على الساحة”.
ع – المساواة وعدم الإقصاء :
تقبل جامع الفنا كل من يأتيها لا فرق بين كبير وصغير بين غني وفقير، بين مثقف وأمي، بين أبيض وأسود بين ذكر وأنثى بين أجنبي ووطني الرواد كثيرون و متنوعون تحذوهم الرغبة في التمتع الأقصى الساحة إذن ساحة دولية Cosmopolite ، حيث يجد الكل مبتغاه فهي مطعم الغني والفقير، وفرجة الغني والفقير، وصيدلية الكل.
هـ – الإزدحام : Animation
ساحة جامع الفنا ساحة تزدحم بالرواد ( أكثر من 3 ملايين في السنة، أمواج بشرية متلاطمة تتحرك في كل اتجاه بين واقف وجالس ومتنقل الساحة تشبه المحشر خاصة في الأعياد والمناسبات بعد العصر وإلى حدود صلاة العشاء في البداية لابد من توضيح حقيقة لا مفر منها، هو أن الجامع الفنا حياتان : حياة بالليل وحياة بالنهار تختلفان من حيث النشاط والرواد والجو العام :
1 – فضاء النهار يطبعه الهرج والمرج :
وتتخلله الأنغام المختلفة الألوان الزاهية أشعة الشمس المحرقة تفرض على الرواد واد العمل على حماية أنفسهم منها بواسطة الشمسيات (قديما الدراكات) تختلط أنغام الآلات المختلفة ( الوترية النظرية النفخية ) مع أصوات الناس، وبحركات وسائل النقل المختلفة لتعطينا صخبا كبيرا لا يحدث إلا في نهار جامع الفنا .
2 – كان الليل ممنوعا بجامع الفنا خلال عهد الاستعمار : بحيث يتعين على المواطنين الإلتحاق بمساكنهم بعد إطلاق العماير من جامع الفنا” حوالي الساعة الثانية عشرة ليلا وقد كان قائد الليل “أبا سيدي وبعد لي “لهميكي يقوم بهذه المهمة والتي تتم بالشكل التالي : يجتمع بجامع الفنا العسس الذي سيقوم بمراقبة منع التجول بمعدل له عسس لكل علم من أعلام المدينة السبعة (7 × 4 = 28). يجتمع الرماة لإطلاق “العماير” من بنادقهم في جو يتميز بالرتابة بسبب إعادته يوميا بنفس الطريقة
– يصطف الرماة ويستمعون لرئيسهم يردد نفس الكلام :
گالیکوم سيدي
عمرو، ولحقو
وتگبلو للاصمعة الكتبية اي استقبلها الصومعة قرص واحد الله يرضي عليكم ( اي طلقة موحدة ).
وينطلق البارود من البنادق معلنا منع التجول و ينطلق العيش في تطبيق منع التجول داخل أسوار المدينة بجامع الفنا التي تتوقف عن الحياة و تصبح هيكلا بدون روح . وقد كان قائد الليل تحت سلطة الگلاوي . أما حي جليز فلا يخضع لمنع التجول .
لكن بعد الإستقلال استرد الليل مشروعيته، وهو ليل ذو شجون تخفت فيه الاصوات و يعم السكون إلا من نقرات عود هنا، وهجهوج هناك وأصوات تصدح بنغمات لعبد الوهاب أو فريد الأطرش أو غناء لدردبة مع رقصات خفيفة وممتعة الأصوات ويتم الكل على ضوء القناديل.
والليل كذلك مجال لتجارة المواد الغذائية المطهوة، بغير انتظام سابق وبرخص ومراقبة حاليا.