آخر الأخبار

تمازج الماضي بالحاضر

إدريس بوطور 

من يقول بأن “الماضي فات ” أو ” اللي فات مات ” هو اصلا خاطئ وواهم . فرغم استبداد الحاضر وغضه الطرف عن صفحات الماضي لطيها دون قراءتها قراءة متأنية سليمة ، فإنه يصبح أمام ماض لا يمضي ، ماض حاضر بكل قوة ، ماض منتصب أمام مسارنا لا يقبل التعسف ، ماض نجده أينما توجهنا ، في ثنايا السيكولوجيا ووسط خانات السوسيولوجيا وفي مختلف قضايا تدبير الشأن العام السياسي والديني وفي سائر فروع الثقافة من رواية وشعر ومسرح وسينما ، فمن ليس له قديم ليس له جديد * يمكن اعتبار هذا التفكير نمطا رجعيا مثبطا للتطور والطموح ، لكنه بالعكس هو تفكير سليم للحفاظ على توازن مسيرة التطور كسائق السيارة لا يمكنه السياقة بثقة وأمان دون النظر إلى المرآة العاكسة ، كذلك لا يمكننا التعامل مع الحاضر دون الاستناد إلى منظومة مرجعية والتي يشكل التراث القسط الاكبر منها ، فتناغم التراث مع ثقافة الحاضر هو أساس التطور ، وفي ذلك قال المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري “نحن مطالبون بخلق ثقافة جديدة لكن الثقافة لا تستورد كما تستورد البضائع الأجنبية بل تستنبت من تمازج الماضي بالحاضر وانسجام الجذور مع الأفنان ” (انتهى كلام الجابري) ، كما أن الأديبة الجزائرية المتألقة أحلام مستغانمي وصفت الماضي بأنه قاطع طريق قد يباغثنا في أي منعطف ، ولإتقاء عواقب الاصطدام به ومن أجل التصالح معه لا بد من قراءة صفحات الماضي قراءة انتقائية متأنية تنطلق من التاريخ وهي التي تصنع التاريخ.