آخر الأخبار

الغوغائيون صناع الفوضى و المستمرون فيها

الغوغائيون ظاهرة لايخلو منها مجتمع إنهم إحتياط مستعد لنسف العمل المؤسساتي ونجاعة الآداء ،إنهم مخلوقات وجدت لتفسد في الأرض .ينتشرون كالوباء ويوجدون متى وجد الفسدة لأنهم خدم لهم بمراتب وتعويضات . ليس بالسهل تعريف هذه الفئة لكثرتها وتنوعها فالأمر يبلغ درجة من التعقيد ، في زمن شاعت فيه الغوغائية حتى أصبحت تملأ الفضاء ، مهنة يتباهى بها البعض دون أدنى ذرة خجل. الغوغائيون قد تجدهم في مقدمة إحتفال زفاف كما في منصة ندوة ، هم مراتب وطبقات وتحتاج لتصنيفهم إلى وقت وجهد أكاديمي، هم أناس يشتغلون على الفوضى وينتعشون منها ، هي رأسمالهم ومنها يقتاتون. يكرهون لحد التطرف النظام والإنضباط.يتعايشون مع الضجيج بل منهم من يفتعله ويصطنعه ليفوز بمكسب مؤقت. أفسدوا مناخ الإصلاح وعطلوا عجلته بل إن حياتهم أصبحت رهينة ببقائه. لايطمحون سوى بالبقاء تحت أوامر أسيادهم. ينتظرون الإشارة لينطلقوا في إرباك الوضع بعدما إحترفوا كل الطرائق . يختصرون كل الكلام في حالة الرضا بشكل مقتضب من أجل قطف الغلة ، ويتوسعون في الشروحات و أدق التفاصيل متى طلب منهم ذلك. عامل الوقت أمر مهم في حسم المعركة وكسب الرهان.
ماقتل نكهة الإبداع سوى الرعاع ، وماسفه أحلامنا وقتلها بالكثرة والتكرار سواهم ، فاقدوا السيطرة على مشاعرهم الفياضة نحو التفاهة ومنها يسترزقون. الكثرة منهم تجعل البعض يعتقد أنهم غالبية تتحكم في الساحة ،لكن القياس بالكم ماأثبت قط أن الأمور تسير للأحسن ، فحين يحضر معيار الكيف يختفون لأنهم لا يؤمنون بالكفاءة ، لاتخلو منهم بيئة ولامكان ، يفسدون الرأي ويحرفون الواقع .
ماقتل الحقيقة سواهم ،صناعة مخزنية بامتياز. تعطل دائما التشريح الحقيقي للواقع والوقوف على الخلل لأنهم يجسدون التيار المناهض لكل محاولة إصلاح ولكل بذرة أمل تستشرف المستقبل.
ولكي نقف على حقيقة أمرهم أسوق بعض الأمثلة للإستئناس وليس للحصر ،من الذكاءات الماكرة لبعض مستخدمي هذه الفئة نموذجين صارخين يدفعانك لتفكر كثيرا ومليا في درجة الخبث ملفوفة في طريقة ماكرة للتوظيف ،حيل لايمكن أن تجول بخلد ابليس ،بل تراه عاجزا أمامها وهو يردد “من البشر أتعلم فلم يخطر ببالي مثل هذه الأفكار الجهنمية ”
النموذج الأول : يفتعل المسؤول الاول مشكلا رئيسيا يربك سير مؤسسة ويقلب رأسها على عقب ويسخر في الواقعة بعض الغوغائيين ، فتتوقف الأشغال وتعيش حالة “البلوكاج ” ،وتعقد الندوات والإجتماعات ،لكن لا يتوصل الحل إلا من طرف من حركهم الرئيس المعلوم فيجنى إمتيازات الإنجاز وتسجل في ملفه تنويهات بل وينعم بالترقيات لا لشيء إلا أنه إستطاع أن يبرز في الوضعية كالمنقذ ،وفي حقيقة الأمر إنما حبك سيناريو المشكل / الحل بإتقان فجيش له زبانيته لتقوم بدور الإشهار له فكان له مايريد.
النموذج الثاني : في إجتماع مصيري لمسؤول يحكي لي أحد الغوغائيين ممن مارسوا حرفة الغوغائية أن رئيس مؤسسة نبهه أن إجتماعا مصيريا ومهما سيعقد غدا بالقاعة الكبرى وسيحضره مسؤولون كبار من العيار الثقيل وعليه أن يغتنم هذه الفرصة من أجل إبراز قدراته في الحل و إقتناص الفرص والخروج من اللقاء بمكاسب كبيرة فماكان منه إلا أن سلمه ظرفا به بعض الاسئلة على أن يوزعها على من يثق فيهم مقابل مبالغ مالية فكان له مايريد بعد تسجيل نقاط نظام وجلبة هنا وهناك أحدثت حالة إرباك إستطاع أن يضبط بعدها القاعة ويجيب على الاسئلة التي سلمها من قبل. فنجحت الخطة.
إنها أكثر الصور التي تغطي شمس الحقيقة وتعطي انطباعات مغشوشة ولاتبني برامج كفيلة بمعالجة الوضع ،كم من الصور تحبطنا ،وكم من الغوغائيين ضيعوا علينا فرصا و محطات مهمة ساقهم إليها فسدة ركبهم الجشع وركبتهم الأنانية القاتلة. إنه زمن الغوغائيين الذين أفسدوا الذوق وسفهوا الرأي مع كامل الأسف.

ذ ادريس المغلشي.