آخر الأخبار

الشعراء الصعاليك…

إدريس بوطور.

يكاد تاريخ الأدب العربي ينفرد بميزة خاصة بين آداب الأمم والشعوب وهي وجود طبقة من الشعراء تسمى ( الصعاليك ) والتي خلد أفرادها قصائد رفيعة ** وقبل التعريف بهذه الطبقة اقول بأن “الصعاليك ” جمع “الصعلوك” هو الفقير المملق والمتشرد الجائع ، وقد يكون ذا أخلاق متوافقة ، وقد يصل به جوعه إلى أن يصبح قاطع طريق ** الصعاليك في الشعر العربي الجاهلي أشخاص لا يعترفون بسلطة القبيلة ، وخارجون عن قوانينها ، فكان عقابهم حسب الأعراف النبذ والاضطهاد ، وإذا نبذت قبيلة أحد أفرادها فإنه يصبح منبوذا لدى سائر القبائل الأخرى فيجد في البيداء ملاذا وموطنا ** حياة المعاناة والحرمان في الصحراء فتقت موهبة الصعاليك الشعرية ، فجعلت منهم شعراء مجيدين وأصبحت قصائدهم من عيون الشعر العربي .حيث حملوها شغفهم بالحرية والانعتاق عبر أبيات حكيمة لأخذ الدرس والعبرة، كما أنها صورت طبيعة الصحراء وأوابدها ، مع تحسيس جغرافي بالأماكن التي كانوا يتنقلون بينها هربا من الاضطهاد .ويعتبر شعر الصعاليك ثورة على المقدمة الطللية التي تجاوزها ، كما جاء خاليا من المدح والتزلف ، فكان شعرا صادقا بليغا ** ولعل قصيدة الشاعر الصعلوك الشنفرى المشهورة ب “لامية العرب ” أرفع نموذج وأجلى دليل على سمو شعر الصعاليك والتي أورد منها هذين البيتين كختم لهذه التدوينة (وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ** وفيها لمن خاف القلى متعزل ** لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ ** سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل ) *************** ********للتوضيح كلمة القلى ” بكسر القاف” في عجز البيت الأول تعني البغض والكراهية.