آخر الأخبار

الإساءة والإحسان في حق من حكم مراكش-13-

بناء مدينة مراكش

1- اختيار الموقع

لما دخلت سنة A454 – 1065 م اجتمعت قبائل المتونة للنظر في أمر اختیار الموقع المناسب لبناء مدينة تليق بأن تكون حاضرة لهذه الدولة بحيث تتسع لعساگرها ولكل ما بحوزتها من أموال وأمتعة وألبسة ومعدات وأقوات ، فوقع الاختيار على موقع شاسع واستراتيجي ، بحيث يقع غير بعيد عن مدينة أغمات وأوريكة ، ولا يبعد عن جبل درن إلا بضعة فراسخ ، الشيء الذي رشحها لتكون مدينة بالغة الأهمية يمكنها أن تصبح نقطة اتصال هامة القادمين من سجلماسة بین وحتى من تخوم الصحراء والمتجهين إلى وسط وشمال المغرب وبخاصة منهم قوافل التجار التي كانت تتردد باستمرار على هذه الاتجاهات ، وقد أسند أمر اختيار الموقع إلى لجنة برئاسة أبي بكر بن عمر وابن عمه يوسف بن تاشفين فتم شراء موضعها من عجوز من المصامدة كانت لها ملكية التصرف فيه ، والمنطقة كانت عبارة عن أرض قاحلة لا ماء ولا نبات فيها ، وكانت تسمى بمراكش ومعناه بالأمازيغية ” مر مسرعا ” لأن المكان كان موحشة ، وملجأ لقطاع الطرق كما كان مخبئا اللحيوانات المفترسة ، فأسند أمر الوقوف على تشييد المدينة الجديدة إلى الأمير يوسف الذي أحضر لذلك بعض المتخصصين في الهندسة وشق الطرق وعمليات البناء ، فتبين بعد الدراسة والفحص أن هذه الأرض طيبة كأنها غطاء من حجر ، عذب ماؤها ، عليل هواؤها ، على مقربة منها يوجد نهران الأول وادي إسيل والثاني وادي تانسيفت الذي ينبع من دمنات ويصب في وادي أوريكة ووادي نفيس وأودية أخرى ، كما تبين أن المكان يتوفر على فرشة مائية جد قريبة من سطح الأرض الشيء الذي جعل توفر الماء . فالمادة الحيوية للحياة موجودة بكثرة في هذا المكان ، فأعطيت الأوامر لإطلاق عملية البناء فوزعت القطع الأرضية على ضباط الجيش الراغبين في ذلك ثم الجيد ثم أهل القبائل التي لا تشملهم الخدمة العسكرية ، فحددت الجهات المعنية بالسكن ، والجهات المعنية بالصناعة والتجارة .