آخر الأخبار

الأوبئة و التاريخ

يحدث أن تقع الأوبئة، في الماضي البعيد أو في الماضي القريب، والأمثلة في التاريخ كثيرة على ذلك.واغلبها لا يتم الانتباه اليه،سواء في البحوث الأكاديمية، أو في اهتمام الناس بالتاريخ.والغالب على ذلك يتخذ طابعا مدرسيا. وأذكر منها الطاعون الاسود الذي عرفه عالم البحر المتوسط في العصور الوسطى، أو وأوبئة ق 17و18و19 بالمغرب.وما خلفته هذه الأخيرة من ضحايا،أثر عموما على الديموغرافية المغربية.كما أن مواجهتها،كما نقرأ في أغلب الرويات التاريخية،تمت بطريقة خرافية وغيبية،واعتبارها عقابا إلاهيا لما يقع من شر وفساد ومنكر الخ. وهو ما لا يمكن إغفاله،اخذت بعين الاعتبار النفسانية المغربية آنذاك.

ما يثيرني بالأساس، هو كيف يتفاعل المواطن العادي،والنخبة،والسلطة،والمؤرخ في علاقته بما يحدث آنيا،وكيف يشتغل فيه المؤرخ والمهام بالتاريخ. وكيف يستحضر التاريخ في فهم تحولات المجتمع والدولة والفكر.
وإذ لا يمكنني في هذا الحيز،عن علاقة الوباء بالعلم في مجالها التاريخ الممتد،نظرا لأنها تحتاج إلى دراسة شاملة،فإن المؤكد أن هذه العلاقة ،علاقة الصراع والتوتر بين الوباء والعلم، في المجتمعات المتقدمة، تجد حضورها النوعي والعلمي،ليس على المستوى الاعلامي،ولكننا نجدها في قلب التصورات والأفكار، وفي المنظورات العلمية والاجتماعية،وفي نماذجها السياسية.واقصد النماذج العلمية والبراديغمات الفكرية.أي أن المؤرخ، في إطار استحضاره لتاريخ العلم وتاريخ المجتمع، يبحث من خلال عوائق العلم،وفي مخاطر الأوبئة، وفي بنى المجتمعات، عن الانقلابات العلمية التي تعرفها المجتمعات،أي في التغيرات التاريخية الكبرى،لمصادر العلم والمعرفة،ومدى انعكاساتها على الإنسان، وعلى الدولة والمجتمع، وعلى العلاقات الدولية بشكل عام.
وهو ربما،ما نلاحظه اليوم،وما ننتظر آثاره،بمناسبة وباء كوفيد١٩ ،سواء بالنسبة للمجتمعات التي تبحث في تجاوز الوباء،أو التي تنتظر،انتقال ما سيتوصل اليه العلم من مضادات ولقاحات للقضاء على الوباء.
واليوم حيث يصبح الإنسان مهددا ،جراء انتشار وباء كوفيد١٩،يتحول الإعلامي إلى مؤرخ اللحظة، بتتبعه لمجريات الأمور، في مختلف أصقاع العالم،بالصورة والصوت والكتابة، يصبح الإنسان صانع تاريخه بمختلف الأشكال، لمواجهة الوباء.وبالأخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويصبح الوباء جسرا بين زمنين،ما قبل وما بعد الوباء.وتصبح مجهودات الدول والأفراد والعلماء،متواجدة لكسب رهان انقلاب تاريخي وعلمي لصالح الإنسان. وستبقى المناطق التي تضررت من جراء الوباءآثارا،وشواهد تاريخية، والصور والأفلام والفيديوهات المصورة المحلية والدولية أسنادا دالة لكتابة تاريخ الوباء،وتاريخ قضاء الإنسان عليه.لما قام به مجهود علمي وحس انساني،لرفع التحدي،القضاء على الوباء،وإعادة الثقة بين الفرد والدولة،وبين الفرد والمجتمع. وفي قلب منظومة الأفكار،وفي معرفة الإنسان للعوامل العميقة واللامرئية لتحولات المجتمعات والتاريخ.أي كيف تغير الأوبئة التاريخ!! “””

جمال امّاش