آخر الأخبار

اختيار الرباط عاصمة للثقافة الافريقية

اختيار مدينة الرباط كعاصمة للثقافة الإفريقية بدلا عن مدينة مراكش كان اختيارا صائبا؛ والأمر لا يتعلق بغضبة ملكية؛ المصطلح الذي يجب أن يزول من القاموس السياسي المغربي حتى لا يتعلق تسيير الشأن العام بجوانب عاطفية بعيدا عن العقلانية؛ ولا يقتصر أيضا على عدم صلاحية المرافق والمؤسسات التي ستقام فيها الأنشطة؛ بل الأمر يتعدى ذلك إلى جوانب أخرى تتعلق بغياب استراتيجية ثقافية سليمة في المدينة؛ وذلك ناتج عن غياب المثقفين بصورة عامة وانزوائهم في مناطق الظل؛ وترك المجال مفتوحا أمام الجهلة والانتهازيين والأغبياء لخلق جمعيات بليدة تنكب على أنشطة مائعة فاقدة التوجه العقلاني تستهدف من ورائها نشر الشعوذة والخرافات وإحياء عادات حوربت في زمن عمالقة الثقافة بالمدينة حتى لا تغلنا إلى الخلف؛ إن اعتقاد هؤلاء الانتهازيون بأن التراث مادة سهلة الركوب؛ يسهل امتطاء موجتها والسعي نحو إحيائه بدون ضوابط عقلية ولا رؤية واعية للتعامل مع الموروث؛ إلى جانب ضعف مستواهم الدراسي وقلة زادهم الثقافي والمعرفي؛ كلها أمور جعلتهم يسارعون إلى الاهتمام بجوانب من ثقافة المدينة الأحرى أن نفكر في طمسها وفي أحسن الأحوال عدم إعطائها الأولوية؛ فهذه جمعية نشاطها ينكب على أكبر طنجية؛ وأخرى تقيم أنشطة شعرية حول ظاهرة تاقديرت؛ وجمعية أخرى تسمي أنشطتها المبهرة ب لالة امحلة؛ وجمعيات أخرى تعمل على فلكلرة الفنون التراثية وجعلها فنونا فرجوية؛ والحديث يطول في هذا المجال.
وما زاد الطين بلة؛ هو أن الشأن الثقافي في المدينة أوكل تدعيمه إلى مجالس بلدية منتخبة؛ توزع المال العام على مثل هذه التفاهات دون حسيب أو رقيب؛ دافعهم هو اكتساب أصوات عند ترشحهم مستقبلا زيادة على أن المكلفين بالثقافة في هذه المجالس والساهرين على الاهتمام بها ليس لهم أدنى حظ من الثقافة؛ بل بقدرة قادر؛ وجدوا أنفسهم فوق كراسي لم يحلموا بها أبدا؛ ويتحملون مسؤوليات أكبر من أحجامهم؛ وعوض أن يرفعوا من المنسوب الثقافي للمدينة؛ ساهموا بشكل كبير في إقبار الثقافة داخل مراكش وجلسوا على أطلالها سعداء بانمحاء ثلة من المثقفين الشرفاء الذين يقفون لهم شوكة في الحلق.
وإلى هؤلاء وأمثالهم أقول ماذا كنتم تنتظرون سوى أن تحصلوا على هذه النتيجة المؤلمة؟ إنه حصادكم فاحصدوا ما زرعتم؛ ولازال وراء الأكمة ما وراءها؛ والكلام كثير وسنتحدث لاحقا في هذا الشأن.

عبد الةليل بدزي