آخر الأخبار

أدبيات الزاوية النظيفية التيجانية لمحمد الرحماني ـ 4 ـ

الأول، الطريقة التجانية:

فعندما يتناول المؤلِّف المحور الأول، يتحدّث عن الوضع السياسي في الجزائر حيث ولد الشيخ التجاني مؤسس الطريقة. فيتناول الحكم العثماني للجزائر الذي بدأ سنة 1512م وانتهى بالاحتلال الفرنسي للجزائر سنة    1830 م. وكان العثمانيون قد وصلوا إلى الجزائر في بداية الأمر لمعاونة الجزائريين في الجهاد ضد الحملات الصليبية الإسبانية البرتغالية على الجزائر. وقد نجح العثمانيون في تلك المهمة في بداية الأمر، ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى حكام للبلاد. ويعتمد المؤلف على صديقنا المؤرخ الجزائري الدكتور سعد الله بلقاسم في كتابه تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر ” الذي يلخِّص الوضع بقوله:

كان المفروض أن يطبق الحكام العثمانيون تعاليم الإسلام في الحكم، وأن يؤاخوا بينهم و بين السكان، وأن يشاوروهم في الأمر، وأن يفسحوا المجال أمامهم، وأن يختلطوا بهم ويخالطوهم، ولكنهم في الواقع أساءوا التصرف كمعظم الحكّام عندئذ، فحكموا كفئة متميزة واحتكروا الحكم في أيديهم طيلة ِالفترة العثمانية، واستبدوا بالسلطة واستذلوا السكان واستعلوا عليهم، وعاملوهم معاملة المنتصر للمهزوم“.

أضف إلى ذلك محاولة العثمانيين احتلال المغرب الأقصى، ولكنهم جابهوا مقاومة شديدة ساعدت المغرب على الاحتفاظ باستقلاله.

ولهذا فقد تكاثرت الثورات عليهم في أنحاء الجزائر. وقادت الطرق الصوفية معظم هذه الثورات. وأشهر الطرق الصوفية في المغرب العربي آنذاك: الطريقة الخلوتية، والطريقة الدرقاوية، الطريقة الوزانية، الطريقة القادرية، الطريقة الناصرية، والطريقة السنوسية. ويعطي المؤلّف خلاصة شافية عن مؤسِّس كل طريقة وتاريخها.

وكانت علاقات الأتراك مع أهالي بلدة عين ماضي، حيث ولد الشيخ التجاني، متوترة، وقاموا بمهاجمة البلدة سنة 1213هـ. وكان الشيخ التجاني مسافراً، وقرر عدم العودة إلى الجزائر، وارتحل إلى المغرب الذي كانت تربطه مع عاهله العلوي السلطان سليمان ( 1760ـ1822) الذي حكم بين 1797و1822، وهو من المتضلعين بالفقه الإسلامي وله مؤلفات قيمة  فيه، مراسلات أدت إلى اتفاقهما على نقاط الاختلاف.وكان هذا السلطان قد نجح في استرجاع بعض المناطق المغربية التي احتلها العثمانيون. وعندما عاد أبناء الشيخ التجاني بعد وفاته إلى عين ماضي، وبدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830، كان أولئك الأبناء يتعاونون مع الأمير عبد القادر الجزائري (1808ـ1883) في مقاومة الفرنسيين. وكان السلطان المغربي عبد الرحمان بن هشام الذي حكم بعد السلطان سليمان، يمدهم بالمال والسلاح. ونجد هذا الموقف لدى الملك محمد الخامس (1909ـ1961 ) الذي دعم الثورة الجزائرية للتخلُّص من الاستعمار الفرنسي.

إن تبني السلطان سليمان للطريقة التجانية، استمر، بشكل أو بآخر، لدى ملوك المغرب حتى اليوم. ففي المناسبات الدينية، يقرأ الملك المغربي “دعاء الفاتح” للشيخ التجاني ونصه:

اللهم صلي على سيدنا محمد، الفاتح لما أُغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره.”.