آخر الأخبار

يا وصال لقد أصابتنا إهانة العقال…!!

وصال إبنة هذا الوطن شبت على حبه بدفء عائلي تعيش بين إخوتها وهي تعتقد في قرارة نفسها أن حدود الوطن ممتدة من بيت الكراء الذي تسكنه في الحي الهامشي إلى ضيعة جدها في البادية التي تزورها أثناءالعطل المدرسية. وماتلبث أن تتشوق للعودة إلى المدينة لملاقاة زميلاتها كانت طفولة الصغر مفعمة بالحيوية تعرف جيدا أن الشارع لا يرحم به وحوش غادرة كاسرة تبطش بكل فريسة قادها حظها العاثر.
وصال تلك الفتاة الشقية تقلبت بين الوقائع والأحداث كما تتقلب ورقة شجرة في مهب رياح هوجاء خريفية لايوقفها إلاحاجز عاتي أو حفرة سحيقة تنكر لها أبوها في الصغر بعدما غادر بيت الزوجية وهو المياوم الذي أتعبه الإنتظار في الموقف دون جدوى ، مصاريف الحياة سيف أجهز على إستقراره فهاجر إلى وجهة غير معلومة صارت نداءات إذاعية وتلفزية تذكره بالإسم والصورة.
وصال الآن غادرت بيت العائلة الذي لم يستقر على عنوان محدد من شدة الترحال واستقرت مع بعض قريناتها في مدينة سياحية بعد مضي سنوات لفها النسيان وجفت جفون الأم بكمد وحسرة على الإثنين الأب الذي غادر البيت دون أن يلتفت وإبنة بكر كانت زهرة الفضاء العائلي. لازالت الأم تتظاهر بالجلد أمام البقية رغم أن بداوخلها أركان محطمة في صباح ممطر لم تتمكن من مغادرة بيتها العشوائي في دوار يحمل إسم على مسمى ” رجا فالله”تسمع طرقا خفيفا إنها رسالة مكتوبة بخط رديء:
أنا بنتك وصال بعد السلام وغيبة طويلة لاتقلقي أمي إنني بخير وعلى خير أعمل بمؤسسة سياحية إنتظري ستصلك حوالة وسأزوركم متى أتيحت لي الفرصة دعاؤك أمي.
بقراءة الجملة الأخيرة من الرسالة تسقط الأم منهارة مغمي عليها. وهي عاجزة على المزاوجة بين فرح الرسالة الحاملة لأحلام لقاء ابنتها فلذة كبدها وغيبة وصال التي عمقت الجراح حتى صار الجسد فاقدا للإحساس بوجع الحياة وانتظار قدومها الذي يأتي وقد لا يأتي .
تناسلت الأسئلة بين همس ووشوشة بين جيران الدوار والبعض منهن يمسحن وجه الأم المكلومة و الصغار الذين تعالى صياحهم على أثر هذا المنظر المؤلم.
الأم تردد صارخة أين أنت يابنيتي وصال ؟
وصدى سؤالها يرجع مدويا يهز أركان البراريك العشوائية بالدوار بجملة متكررة لقد أصابتنا إهانة العقال. (يتبع)
ذ ادريس المغلشي.