آخر الأخبار

محمد إقبال… الشاعر الفيلسوف

إدريس بوطور

( إذا الورود خلت من طيب نفحتها ** فلا تزاحم بها في الأرض بستانا ** إذا الوجوه خلت من نور سجدتها ** لم تستحق غداة الموت أكفانا ** إذا القلوب خلت من ذكر خالقها ** فهي الصخور التي تحتل أبدانا ** إذا خلا المرء من فهم ومعرفة ** ظلمت نفسك لو تدعوه إنسانا ) ********** ************************** إنها أبيات أربعة للفيلسوف والشاعر الباكستاني محمد إقبال 1877/1938، هي أربع صيغ شرطية لما يستقبل من الزمان مع أجوبتها . إنطلقت بشرط قاعدي لإجراء المقارنة ، وعلى أساسه بنيت الصيغ الثلاث الأخرى المتبقية والمتتالية . أربعة أبيات لتحديد المهام الجوهرية المنوطة بالإنسان في هذه الحياة ، والتي يستحق أن يحمل من أجلها صفة أرقى المخلوقات التي كرمها الخالق على أديم هذه البسيطة . فمن خلال هذه الأبيات يتبين أن وجود الإنسان في هذه الدنيا ليس من أجل إشباع غرائزه بالأكل والشرب والتكاثر والتي يشترك فيها مع العديد من الكائنات ، بل هو متميز عن سائر المخلوقات بتكريم إلهي ، وتفضيل رباني موثق في كتابه عز وجل .هذا التكريم هو الذي أهل الإنسان كي يختاره خالقه خليفة في الأرض ، رغم استغراب الملائكة من هذا القرار الذي بقي سره مكنونا عند عالم الغيب ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال إني أعلم ما لا تعلمون ) البقرة 30 ** في هذه الابيات حدد الشاعر الشروط الثلاثة كي يكون الإنسان جديرا بأن يسمى إنسانا وفقا لما خلق من أجله وهي : سجود صادق للخالق ، واعتراف مستمر بنعمه وآلائه ، وتسلح بالعلم والمعرفة لاكتشاف أسرار الكون . هذه الشروط الثلاثة بناها الفيلسوف الباكستاني محمد إقبال على العلاقة بين الورد وطيبه ، فإذا رحل الطيب عن ورده فلن تجد له قيمة تذكر . كذلك الانسان إذا خلت حياته من قنوت للخالق ، وذكر لآلائه ونعمه ، وتفقه في العلم فإنه كالورد المفرغ من طيبه لا يساوي شيئا ، ولا يجدر به أن يكون ذلك المخلوق الذي فضله الله على كثير من خلقه ،وجعله خليفة في هذه الارض ، ولا يستحق أن يتوشح بوسام الإنسانية.