آخر الأخبار

مباراة كرة و كلام كثير و فرح كبير: شكرا للوداد ولنهضة بركان

إدريس الأندلسي

أبدأ هذه الجمل الانطباعية حينا  و التحليلية بعض الأحيان  بكثير من الصور  و لكن  هذه  أبدءها بجملة غناها كاظم الساهر عن بغداد.  لم  ينطق كلمة بغداد الا بعد أن سلط عليها جميع الأضواء التي جعلت المستمع يهفو إلى سماع إسم هذه المعشوقة التي أبدع في  وصف  محاسنها الشاعر كريم العراقي  حتى ” تمحو كل هموم حياتي ان مس جبيني اصبعها”. و غنى كاظم بعد مقدمة موسيقية مختصرة، على غير عادته، تبدأ ب:” كثر الحديث عن التي اهواها… كثر الحديث من التي اهواها… ما شكلها… ما إسمها… شقراء  ام سمراء… عيناك أحلى أنت أم عيناها…” ولن استمر إلى نهاية لا علاقة لها بتلك التي يهواها الجميع عبر العالم.  إنها تدخل الفرحة في النفوس  و تبكي أحيانا  و تحير علماء النفس  و تجعل علماء أسواق المال أكثر اهتماما بتأثيرها على قرارات بعض المستثمرين.  إن لها من التأثير ما يجعل بعض الخطابات السياسية التي تحب الاستعجال في تسجيل أمجاد زائلة تتحول إلى نكثة. و لنا في  قربنا الجغرافي مثال يجعلنا نتشبت أكثر بضرورة الإحتفال بكل نجاح رياضي بكثير من الوطنية  و الحب  و الحكمة  و التواضع لله و خصوصا بتمنياتنا أن يتفوق الجميع في الرياضة  و الإقتصاد  و الدبلوماسية.  لأن الرياضة في البدء و النهاية رسالة لخلق التآلف بين القرى  و المدن  و الدول.  الرياضة روح تزينها ميداليات تزين الصدور لقربها من القلوب ثم تعلق في أمكنة منزلية أو إدارية أو في متاحف للذكرى. 

بالأمس عشنا أطوار مباراة كرة بين الأهلي الكبير العربي، الذي أسسه مغربي أحب مصر و ساهم في تدبيره شؤونها الحكومية ، و الوداد المغربي ذو الإسم المستوحى من إحدى روائع السينما المصرية الذي مثلت فيه دور البطولة كوكب الشرق أم كلثوم.  و قد أقترح هذا الإسم أحد الوطنيين الذين ساهموا في مجالات الرياضة  و الحركات الشبابية  و هو المرحوم بن جلون الذي كانت محبة أصدقاءه سببا في تسميته ب” شوكولا”. 

نعم بالأمس جرت المباراة مع ما صاحبها من مناقشات لا دخل للمغرب فيها حول إختيار ملعب محمد الخامس لإجراءها. إخواننا المصريون يتفهمون الموضوع لكنهم، أو لنقل بعضهم، لم يهضموا موضوع إجراء المبارة بالدار البيضاء.  و إذا تكلم أهلاوي عن الملعب، فأعلم أنه يتكلم بلغة العارفين.  فريق الأهلي يساهم في تكوينه ناديه  و مدربه  و لكنه لا يؤدي دوره في غياب جمهوره العظيم.  و هنا و جب القول أن الجماهير الرياضية المغربية تجددت بشكل كبيرا  و أصبحت قوة تأثير كبيرة.  و بالرجوع إلى الأهلي شاهدت الكثير من مبارياته بالقاهرة أمام فرق كبيرة في التسعينات مثل الزمالك  و المقاولين العرب  و الإسماعيلي ( البرازيلي) و المنصورة صانعة  المواهب . و أتذكر ذلك الصوت الهديري القوي الذي ينبع من المدرجات حين يشعر الجمهور أن فريقه متشتت الأفكار الهجومية.  و تظهر الجملة السحرية ” أهلي .. العب ” و فيها أمر بالهجوم.  و يحصل العجب. 

لذلك فهمت لماذا كان الرئيس  و النجم  و الكابتن محمود الخطيب الذي يعرف الفريق الوطني المغربي  و الفرق المغربية  و ملعب محمد الخامس متوجسا قبل المباراة  و مصرا على القول جملة  ” انه غير عادل ” لانفانتنو. و لكل ما سبق نتفهم ما قاله البعض  و لا نلقي اذنا لأقوال الحاقدين على كل ما وصلنا إليه  و لا نقصد إخواننا المصريين  و لا أحرار بلدان المغرب الكبير. 

المهم أن فريقين مغربيين هما الوداد  و نهضة بركان المغربيان حملا كاسين غالين  و رفعا علم البلاد و  أن الفريق الوطني سيكون في كأس العالم  و أن هناك عمل متواصل من أجل التكوين في كافة المجالات. المدربون المغاربة الشباب لهم من التكوين و الأخلاق  و حب الإنتماء  و الإبتعاد عن كل الممارسات التي تغلب المصلحة الخاصة عن العامة ما يجعلنا نرجو  و نريد أن يصل عموتة  و الركراكي   و غيرهم إلى أعلى درجات قيادة كرة القدم الوطنية بعلمهم  و ممارستهم  و أخلاقهم  و قدرتهم على فهم كل كبيرة  و صغيرة في التعامل مع المصالح العليا للوطن.  من حقنا أن نفرح جميعا  و نشرك جيراننا في ذلك لأننا جبلنا على محبة الجار و الغريب  قبل الصديق.  و لعل شهادة بعض الجماهير المصرية الشقيقة عن الترحيب الذي وجدوه لدى إخوانهم المغاربة خير دليل على أن عرى الماضي لا زالت  وثيقة في حاضرنا.