آخر الأخبار

ما بعد الجائحة

ذكرني اشكال الخروج من الحجر المنزلي المؤرق اليوم بخروجنا من اول اضراب عن الطعام خضناه في السجن، ودام 20 يوما.
ذلك اننا وجدنا انفسنا، بقرار مشترك بين ادارة السجون والطبيب المتتبع، مضطرين للمرور بمرحلة انتقالية قبل الشروع في الاكل بشكل عاد، واستمرت هذه الفترة شهرا ان لم تخنني الذاكرة (من شاركوني التجربة يمكن ان يؤكدوا او يصححوا).
في البداية اكتفينا بالحليب كما لو كنا رضعا، وكانت ادارة السجن توزع علينا علبة من حليب “موتشاتشو” الشبيه بنستلي والماء الساخن كي نخلطهما، واستمر الامر على هذا المنوال لمدة 10ايام، لننتقل بعدها الى شوربة خضر، ثم وصلنا بعد ذلك الى الكفتة، التي لاتندرج في لائحة التغذية بالسجن عادة في ذلك الوقت، وبعدها تمت العودة الى “بيدانصي” (العدس او الحمص مخلوطين بالجزر او اللفت ..والبيصارة والارز
كانت هذه المرحلة الانتقالية ضرورية لتجنيب امعائنا خطر التلف ومعداتنا خطر القرحة. وكان انضباطنا الجماعي قد انقذ الكثيرين مما هو اخطر من مضاعفات الاضراب عن الطعام.
الخروج من الحجر المنزلي يتطلب مقاربة شبيهة عبر اقرار مرحلة انتقالية اطول، لان الوباء اخطر وتهديده اوسع نطاقا، يستمر خلالها التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات اجباريا واستمرار اغلاق كل المجالات المغلقة التي يمكن ان تصير بؤرا للوباء من مقاهي وحانات ومطاعم، مع امكان تشغيل خدمة االتسليم وللتوصيل الى البيت بالنسبة للمطاعم بشرط اتخاذ كل الاحتياطات الواجبة، وكذلك المساجد وقاعات الفرجة والمسابح وغيرها، والحرص على دخول عدد محدود للاسواق الكبرى وبالتتابع مع تحديد وقت التبضع واتخاذ اجراءات خاصة فيما يتعلق بالتعقيم والنظافة. وفي المدارس والمؤسسات الجامعية يجب تقسيم التلاميذ والطلبة الى مجموعات صغيرة مع تكييف استعمالات الزمن والبرامج على اساس ترك الاختيار لمن يرغبون في الاستمرار في التعليم عن بعد وحصر الامتحانات فيما هو اساسي. وعلى مستوى الفنادق، يجب حصر استعمال طاقتها الاستعابية في حدود 20 الى 30 في المائة مع تعقيمها بشكل متواصل وتجديد اغطيتها وكل ادوت النظافة يوميا وعدم استعمال المرافق المغلقة والتاكد من حالة الزبناء . نفس الامر مطلوب فيما يتعلق بوسائل النقل التي يجب ان تضمن شروط التباعد الاجتماعي دون ان يتم استغلال ذلك للزيادة في الاسعار، مادام ثمن البنزين منخفض…..الخ
من جانب اخر يمكن اتخاذ القرارات بشكل متناسب مع الحالة الوبائية في كل جهة او مدينة، وفرض “الكارانتين” في كل منطقة تظهر فيها بؤر وبائية وتجنيب المناطق الاخرى انتقال العدوى منها.
المهم هو العمل على تحريك الة الانتاج في الفلاحة والصيد البحري والصناعت والخدمات على اوسع نطاق بمراعاة كل الشروط الصحية الواجب توفرها كي لاتكون هناك ازمة عرض وتحريك عجلة الاستهلاك كي يعود التوازن، ولابد والحالة هذه من صرامة مع عدد من ممارسات القطاع غير المنظم التي يمكن ان يكون لها ضرر بالصحة او دور في العدوى .فلو تمكننا من ذلك بعد عيد الفطر، فاننا سنكون قادرين على تدارك الزمن وانقاذ جانب واسع من الاقتصاد وعدد كبير من مناصب الشغل ودخل الاسر.

هذا في انتظار الوصول الى صفر حالة وايجاد دواء موثوق من فعاليته او مصل .
ولابد من تكثيف التوعية خلال هذه المرحلة الانتقالية كي يكيف الناس سلوكهم مع الوضعية الناشئة عن الخطر القائم.

محمد نجيب كومينة / الرباط