آخر الأخبار

كأننا نعيش في أفضل العوالم الممكنة !!

عبد الكريم الأمراني 

نقطة نظام!

اغلب المحللين لما جرى في هذا البلد المنكوب يوم 8 من الشهر الجاري ينطلقون من مغالطة تقوم على اعتبار ما جرى ” انتخابات” ، وما تم الإعلان رسميا عنه” نتائج” أفرزتها الصناديق !
والحال والواقع أن ماجرى، بالضبط هو بكل بساطة مسرحية سخيفة وزعت فيها الأدوار
بعناية واسندت فيها أدوار” البطولة” ل” الأحزاب”/
المسوخ التي فرخت تفريخا على يد “الأخ الاكبر” ، واسندت أدوار الكومبارس لبعض الكيانات
السياسية التي اجهز عليها ” الأخ الاكبر ” منذ فترة …واوكل لها مهمة تلطيف الأجواء ،
و ” تنشيطها” ببعض المستملحات و الايفيهات !
وما دام الشيء بالشيء يذكر، أذكر بعض المحللين”الحداثيين” المتشفين في” هزيمة” الاسلاميين ، و” لفظهم من قبل الناخبين المغاربة” ، ( اذكرهم ) بما جرى للاتحاد الاشتراكي في
” الانتخابات “التشريعية سنة 1977، فبعد أن رفض الراحل الكبير عبد الرحيم بوعبيد التفاوض على ” كوطا” المقاعد المحددة سلفا ( وهو ما قبله حزب الاستقلال وقتها ) ومع إصراره على الترشح في أكادير رغم إلحاح ” المفاوضين” عليه بأن
الأمر مرفوض تماما من “السلطات العليا” وأن بإمكانه اختيار أي دائرة أخرى لأن وجوده في البرلمان مطلوب …
كان القرار أولا تقزيم الحضور الاتحادي في البرلمان إلى أدنى المستويات ( 14مقعدا )وإسقاط
الزعيم الكبير عبد الرحيم بوعبيد أمام نكرة يدعى رمزي ( من يذكره ؟)
لتنطلق بعدها جوقة المطبلين وعرسان الزفة ( مولاي احمد العلوي / عبدالقادر شبيه /محمد
الأشهب/ و” الأكاديمي والأستاذ الجامعي” مصطفى السحيمي…) في “تحليل” النتائج و تبريرها :
عبد الرحيم بوعبيد “سقط” في أكادير لأنه أخطأ في اختيار الدائرة، و” سواسة عنصريون ولا يمكن أن يصوتوا لمرشح غير سوسي ! ( حتى علي يعتة الذي حصل على مقعده بالتزوير ذهب في تفسير فضيحة أكادير بمنطق الأجهزة ) ….
” هزيمة” الاتحاد الاشتراكي المدوية تؤكد المؤكد وهو” نهاية الأحزاب السياسية التقليدية ” التي لفظتها الجماهير واختارت البديل عنها: الأحرار المستقلون الممثلون لجيل ما بعد الاستقلال الخ ” البلا بلا” المعروفة…
علما بأن الاتحاد الاشتراكي فاز في هذه الانتخابات التشريعية بأكثر من تسعين مقعدا ( تقلصت بقدرة قادر إلى 14! )
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه هذه المرة بشكل أكثر كوميدية:
الإسلاميون المغاربة تبخروا فجأة!!
وهم القوة السياسية التي كان يخشى فوزها بولاية ثالثة
ووضع، للحيلولة دون ذلك أغرب قانون انتخابي في العالم( قانون”بيت but ولا ما لاعبينش !! )
ثم فجأة، وبعد ان كان مقررا أن ” تترك”لها مرتبة متقدمة ( الثالثة أو الرابعة ) جاء خطاب
بنكيران ليغير، فيما يبدو، كل المعادلات، ويتقرر ” التشطيب ” بجرة قلم وبشكل فج ومفضوح
على حزب العدالة والتنمية، وإسقاط زعيمه أمام مرشح نكرة من حزب أخنوش( مع العلم ان معلومات مؤكدة تشير إلى فوز السيد العثماني بمقعد دائرة المحيط، بالرغم من البلطجة والأموال الهائلة التي استعملها مرشح “الأحرار”/غير الأحرار
لإسقاطه !
أقول قولي هذا…
أنا اليساري الذي كان البعض يصنفه ضمن زمرة “الاستئصالبين” خصوصا في مرحلة رئاسة تحرير جريدة ” الأحداث المغربية” ( قبل تأميمها من طرف”الاخ الاكبر” ) ولكن المبادئ هي المبادئ ..
الإسلاميون أيها السادة لم يهزموا في صناديق الاقتراع،
بل “هزموا ” في الولايات والعمالات التي حررت فيها المحاضر حسب التعليمات!
وهذا لا يعني اعفاءهم من جزء من المسؤولية عما جرى:
سكوتهم المتواطىءعن كل الانتهاكات التي شهدتها البلاد في مجال حقوق الإنسان من تعذيب وحشي ب”القرعة” و ” العصا” ( شهادة ناصر الزفزافي وعلي اعراس) ، واعتقالات عشوائية تعسفية
لأحرار هذآ الوطن، وبركة ملفات سوريالية لهم للزج بهم في السجون !
توقيع زعيمهم/ رئيس الحكومة على اتفاقية التطببع المخزية مع إسرائيل!
إضافة إلى العديد من القرارات الاقتصادية والاجتماعية اللاشعبية التي أضرت بمصداقيتهم..
ولكن كل ذلك لا يبرر ماجرى .
وما جرى هو بكل بساطة مجزرة في حق الديمقراطية وحقوق الإنسان !
أما المؤسسات ودولة الحق والقانون و”القضاء الشامخ ” وغيرها من الشعارات فإنها تقودنا إلى ما سماه الروائي الكبير علاء الأسواني ب
” دولة الكأن” ….
فما يوجد عندنا هو :  دولة…كأنها دولة !
وحكومة….كأنها حكومة !
وبرلمان …كأنه برلمان !
وأحزاب… كأنها أحزاب !
ومنظمات مجتمع مدني( إلا من رحم ربك ) ….كأنها منظمات !
ومثقفون( إلا من رحم ربك ).. كأنهم مثقفون !
اي اننا باختصار في قاع القاع وطبالو “الأخ الاكبر” يصرون على التأكيد ، على طريقة ” بانغلوس”
في رواية ” كانديد” ل “فواتير”
على ” اننا نعيش في أفضل العوالم الممكنة !!
Nous sommes dans le meilleur des mondes possibles !
ولا حول ولا قوة الا بالله …