آخر الأخبار

علم الطوبونيميا

إدريس بوطور 

إذا كان التاريخ والجغرافيا والميثولوجيا والانتروبولوجيا واللسانيات والاجتماع مجموعة دراسات علمية للوقوف على أهمية التفاعل بين الإنسان ومحيطه وكل دراسة في إطار تخصصها ، فإن علم الطوبونيميا la toponymie يجمع في أهدافه سائر تلك العلوم والدراسات الآنفة الذكر ، وترجع هذه التسمية إلى أصل اغريقي topos “المكان” و onoma ” اسم ” بمعنى اسم المكان ** الطوبونيميا إذن دراسة لغوية تاريخية لأصل المواقع الجغرافية ومن خلالها يمكننا التوصل إلى معرفة أنماط العيش الحضارية والثقافية لهذه المواقع ، وبذلك تكون الطوبونيميا تلك العلاقة التفاعلية بين الثرى والورى ، بين الارض والإنسان بين الجغرافيا والتاريخ وهي عنصر مساعد لاستعادة الذاكرة الجماعية لمجتمع معين وإعادة تركيب مكونات هويته الثقافية والحضارية ** والأرض ليست مجرد عنصر جغرافي للعيش فقط بل هي امتداد تاريخي للذات الإنسانية والطوبونيميا بمساءلتها لهذا الامتداد ليست مجرد دراسة لاسم المكان بقدر ماهي عبارة عن نبش في الذاكرة الحضارية والثقافية ** فمثلا اذا ذكرنا اسم مدينة أسفي فإن الطوبونيميا تحيله إلى أصل أمازيغي ” أسيف” بمعنى الواد وهذا يحيلنا أيضا إلى التجمع السكني الأول حول الواد ونمط العيش وكيفية الحصول على الماء ومواجهة الفيضان ونوعية الحرف ، فالطوبونيميا الأمازيغية جزء من تاريخ المغرب ، كما أن استيعاب اللغة والثقافة الأمازيغية ضروري للوقوف على حقيقة وكنه المكونات الثقافية والاجتماعية للبلاد ** خلاصة القول أن الطوبونيميا هي العلم / القاعدة للجغرافيا وهي فرع من اللسانيات تهتم بدراسة أصل اسم المكان وعلاقته بلغة الشعب المقيم فيه أو لغات الشعوب السالفة وهي من الأدوات الكبرى لحفظ اللغة والتاريخ والحضارة ، إنها باختصار الذاكرة الجماعية للشعوب في صورتها العلمية الناطقة /