آخر الأخبار

سفر موجع

إدريس الاندلسي 

سفر بلاعنوان ولاوجهة.بدون هوية ولاجواز سفرلكنه محتوم جاءليقذف في قلوبنا شيئا من الخوف والهلع بعدما اختطفت يدالمنون أبرياءذنبهم الوحيدأنهم أبناءهذا الوطن.

القصة تبدأ فصولها من كدية الطيفور المطلة على المضيق إلى منعرج بولنوار وأنت تهم بمغادرة عاصمة الفوسفاط هناك تم مسافة من المعاناة والضيق تجسد بجلاء مفارقات عجيبة في وطن تخبو آماله لحظة لتطفو على شكل آهات وزفرات موت بين تضحية قد تكلفك حياتك في سبيله وانت ترفع رايته عالية.وبين كل من رحلوا عنا الثلاث من الوقاية المدنية وقد آثروا التضحية في سبيل الوطن ليوقفوازحف الموت نحونابكل شجاعة وبسالة.أقل مايمكن القيام به بعد واجب العزاء طبعا تسمية بعض المؤسسات او الشوارع باسمهم حتى يخلد اسمهم في الذاكرة ونجعل منه عناوين بقاء سرمدي في حياة آثروا التضحية بها في سبيل الوطن.وفاء لهم دون أن ننسى من كانوا في سفر فتحولوا إلى رهائن بعدما قادهم قدرهم المحتوم بين ايدي سائق متهور أوقف نبض حياة لتكون الفاجعة والحصيلة ثلاثة وعشرون ضحية فارقت الحياة وثكالى وارامل ويتامى ومعطوبين جسديا ونفسيا كذلك .

بدت المذيعة وهي تنقل الخبر في حوارمع المراسل من عين المكان متلعثمة ترددبشكل متقطع وآلي الخبر.دون أن نلمس من كلامها محاولة لإيصال الصورة الكاملة حول الحدث. أخطاءبالجملةصياغة ومضمونا أفقدت الحدث جانبه الوصفي وغاب عنه الأهم الجانب التأطيري للمتلقي.لم نلمس مسحة إبداع ولا إحساس بثقل وهول الحدث وصدمته.طريقة إلقاء جافة لخبر الموت وكأنها تعطي معلومات حول نشرة جوية او خبر فني.

صورةجد مؤلمة تختصر الحكاية كلها في وطن جريح تتلاعب به أيدي غير مسؤولة.هناك من سيقول ارادة ومشيئة الله اقوى ونحن معه.وهناك من سيقول مسؤوليةالطريق وعدم تأهيلها باعتبارها نقطة سوداء تعرف العديد من القتلى لم يتم معالجتها بالشكل الذي يساهم في التنقل السلس.وهناك من سيذهب في التعليل لكون السائق غيرمؤهل لاهوولاالحافلة المهترئة باعتبارهاوسيلةيجب أن تضاعف من مجهود المدخول اليومي لتلبي جشع صاحبهاولو على حساب الجانب التقني وجاهزيته لقطع مسافات.كلها أسباب معقولة وضرورية لتجعل من النقاش حول سقوط عددالقتلى امرا لايمكن السكوت عنه مادامت كل المقاربات فشلت للحد من الظاهرة من خلال التوجه الزجري لمدونة السيروالذي لم يحل الإشكاليةزد على ذلك السرعة المفرطةوعدم احترام القانون كلهاإشكاليات مرتبطة بالوعي وإشكالية تدبير السلوك البشري اتجاء مرفق حساس ومكلف وفي غياب تأهيل طرق وتشوير يقلص من فرص وقوع حوادث اصبح عدد ضحاياها اكثر من الحروب .

مايخفف من الإحساس بالألم المجتمع المدني الذي توافد بكثرة إلى مكان المستشفى واستقبل اسر الضحايا مخففا عنهم صدمة الحدث باجراءات وتحركات انسانية تعطي املا ان بالوطن أبناء رحماء بينهم.وان هناك شيء يستحق الثناء والإعتزاز في نفس الوقت .

أغلب الإنطباعات المستقاة من أهالي الموتى والجرحى تشير إلى معطى مهم وأساسي يتعلق ببنية الإستقبال في مثل هذه النوازل حيث تضيع فرص الحياة كلما ابتعدنا عن المركز لقلة الطاقةالاستيعابية وغياب التجهيزات وهو امر يوضح بجلاء اللاتوازن بين المركزو الهامش .كما ان بنية الإستقبال والتواصل مع ذوي الضحايا والموتى تحتاج في المقام الأول لتيسير الإجراءات والإسراع بنقل الموتى لمقرات سكناهم وتسريع إجراءات الدفن .فالتعقيدات الإدارية في الزمن العادي التي يرفضها المرتفق أصلا غير مناسبة في مثل هذه الظروف الإستثنائية.