آخر الأخبار

حركة طالبان تضع معايير قاسية ومهينة لانتستب النساء للجامعة

 المصطفى روض

في ظل سيادة النظام السياسي الاستبدادي لحركة طالبان الذي بدأ يسود منذ عودتها للسيطرة على البلاد في 15 غشت الماضي، و معظم الأفغان يخافون على حياتهم، ومن لم يفلح منهم في الفرار من البلاد، خلال عمليات إجلاء إلى بقية الدول الغربية، لا يعرفون ماذا سيكون عليه وضعهم في المستقبل، لكن الأكيد هو أنه لن يكون استثناء عن تجربة حكم طالبان في السابق بحكم طبيعة الإيديولوجية الدينية الاستقصائية التي تميز أسلوبها في الحكم و في الحياة العامة و الخاصة.

و الشعب الأفغاني جرب سابقا حكم هذه الحركة الأصولية الجهادية المتمردة، أثناء حكمها البلاد ما بين 1996 و 2001، حيث ضاق أفراده، خصوصا النساء، مرارة الاضطهاد و العنف الناجم عن الممارسات الاستبدادية لهذه الحركة التي تريد إخضاع المجتمع الأفغاني لحكم الشريعة.

الآن، بعد عودة هذا التنظيم الجهادي اللقيط إلى السلطة بالطريقة البهلوانية التي شاركت في حبك خيوطها الولايات المتحدة لكي تجد لها مخرجا تتكئ عليه في ورطة جيشها في حرب لا ناقة لهل فيها و لا جمل، فإن الأنظار تتجه للمصير الذي ستعرفه النساء في تعامل الحركة معهن، و حركة طالبان تعرف جيدا حساسية المجتمع الإنساني إزاء الظلم الذي تكابده النساء في ظل الأنظمة الاستبدادية، و لذلك قامت بممارسة تكتيكات عبر خطاباتها لمواجهة تلك الحساسية و لدرء الرماد على العيون من خلال الزعم بأنها سوف تحترم حقوق النساء، رغم أن بلادة الحركة الجهادية تعري عن ديماغوجيتها عندما تربط تطمين المجتمع الدولي باحترام حقوق الإنسان و حقوق المرأة بتطبيق أحكام الشريعة التي هي مصدر الاضهاد سواء في ظل حكم طالبان أو أي حكم تيوقراطي آخر.
و ما سمته بضمان احترام لحقوق المرأة الأفغانية، ترجمته الحركة الجهادية في مرسوم صادر عن وزارة التعليم العالي يحدد للمرأة معايير لانتسابها إلى الجامعة لمواصلة دراستها، حيث عليها التقيد بها إذا هي رغبت في ضمان متابعة دراستها الجامعية.

و في ضوء هذه المعايير التي ستتم في ظل قوانين الشريعة، على الطالبات الجامعيات أن يدرسن في فصول منفصلة، حيث يمنع عليهن الاختلاط مع الطلاب الذكور، بمعنى أن الفصول المختلطة محظورة و مرفوضة رفضا مطلقا، و هو الأمر الذي يزعج كثيرا هيئة التدريس الجامعية و الطلاب و الطالبات على حد سواء.

و يحدد مرسوم وزارة التعليم الجامعي، طريقة انتقاء الأساتذة لتعليم الطالبات الأفغانيات على أساس ان يكون لديهم سن معينة (كبار) و أخلاقهم شبيهة تماما بأخلاق المنتمين لحركة طالبان.

كما يقضي المرسوم المذكور، بأن ترتدي النساء الطالبات عباءة سوداء و نقابا يغطي وجوههن بالكامل. و في هذه النقطة بالذات فإن حركة طالبان تعطي للنساء الجامعيات “الحق” في اختيار نوع النقاب الذي يرغبن في استعماله، مع ضرورة أن يغادرن فصول الدراسة خمس دقائق قبل الرجال، و نفس الوقت مخصص لهن لدخول قاعة الانتظار، و ذلك من أجل أن لا يتم أي لقاء أو احتكاك بين الطلبة الرجال و الطالبات النساء، و كل ذلك بالطبع مستمد من قوانين الشريعة من أجل أن تفرض به حركة طالبان منظورها لتقسيم المجتمع الافغاني و لعزل النساء و سجنهم في فضاءاءت مغلقة لا يحق لهن فيها التواصل مع أخيها الرجل، حتى و لو كان أخوها في الإسلام.

و فيما يخص مغادرة الجامعة بعد الانتهاء من الدراسة، لابد من خروجهن رفقة أحد أفراد أسرتهن، و إلا التعرض لخطر الإعدام أو الرجم علنا في حال وجهت لهن تهما بإقامة علاقات خارج نطاق الزواج.

حركة طالبان التي تحاول الظفر باعتراف دولي بنظامها السياسي، وضعت تلك المعايير المهينة و المستبدة للمرأة الراغبة في مواصلة دراستها الجامعية قبل أن تشكل حكومتها. أما بعد تشكيل الحكومة، فلا غرابة من أن معايير أخرى أكثر قساوة و استبداية ستنتظر المجتمع الأغاني بنسائه و رجاله.