آخر الأخبار

جمالية اللغة العربية

 إدريس بوطور 

من أسرار جمالية اللغة العربية هي أن كل كلمة في معجمها ولو من حرفين ،تغوص بك في أرجاء بحر عميق من الدرر واللآلئ .في تدوينتي لهذا المساء سأعرض لكلمة أخذت قسطها في المجال الفصيح ، كما نالت حظها بنفس الدلالة والمعنى في المجال الدارج المغربي ** إنها الفعل الثلاثي “قدح” (بفتح القاف والدال ) في الفصحى والذي يعني تعييب شخص والتنقيص من منزلته وقيمته ، حيث أن كل كلمة عربية مشينة ودالة على عيب معين تسمى كلمة ” قدحية” ** كما تعني كلمة ” قدح” غش في عمل ما ، وقدح النار أي أشعلها ، والمقداح هو من يسعى بين الناس بالدسائس وإثارة الفتنة . و”قدح” الطبيب العين (بفتح القاف وفتح الدال مع تشديدها )أي أزال منها قشرة رقيقة تصيب العين وتمنعها من الرؤية ** والجميل في هذه الكلمة هي إسم ” القدح” (بفتح القاف والدال ) ، وتعني الكأس ولكن ليست أي كأس ، بل إنها تعني الكأس الفارغة فقط . وفي هذا الإطار أستحضر مطلع قصيدة “قصة الأشواق” للشاعر المغربي عبد الرفيع الجواهري حيث يقول ( قدحي أنا قد جف يا رقراق ) فهو يقصد الكأس الفارغة أي “القدح ” ** هذه الكلمة بدلالاتها السالفة انتقلت إلى اللغة الدارجة المغربية بنفس الدلالات ، فنجد العامة تنعت الإنسان الفارغ ب “لقدح ” ، كما نجد “تقداح” العين في الطب الشعبي ، أي إزالة غشاوة رقيقة من العين ، كما تقول العامة ” قدحه ” أمام الناس أي أنقص من منزلته ووضعه في مكانة غير لائقة وكأنه أفرغه من محتواه ** إنها العربية وما أدراك ما العربية ! بحر في أرجائه الدر كامن ** وإلى درة أخرى بإذن الله/