آخر الأخبار

تقديم كتاب محمد بن ولي الله – 7 –

خلاصة على شكل دعوة :

قراءتي كتاب المؤلف ح. بنولي الله انطلقت من دافعين اثنين  :الدافع الأول تربوي تعليمي لاحظت من خلاله ومن ممارستي للعملية التعليمية التعلمية أن الجيل الحالي جيل الألفية الثالثة يكاد يعيش جهلا مطبقا بتاريخ المغرب سواء منه القديم أو الحديث مقارنة مع الأجيال المتقدمة ،إذ ما الدلالة في أن يعيد الدكتور عبد الصمد بلكبير  تلخيصه كتاب الاستقصا للناصري في ثلاثة أجزاء ،وأن يؤلف ويصنف عبد الله
بن العباس الجراري الرباطي أربعة أجزاء في دروس التاريخ المغربي الجزء الثالث للنشء
( الطبعة الأولى 1937 م ) و الرابع للشباب المستفيد (الطبعة الأولى 1941) .

ولربط الماضي القريب الذي أصبح بعيدا  أثير الانتباه إلى ماورد في الجزأين من مصادر  و إلى تقريظ الكتاب الوارد في الجزء الثالث كما دبجته أنامل الحسن البونعماني و هو يقول ” وبعد فليت شعري هل تنصف إدارة العلوم والمعارف هذا الصنع الجميل وتعرف قيمة هذا المجهود وتجعله رسميا في برنامج التعليم العربي في سائر المدارس المغربية ،اعترافا  بالجميل  أولا وتشجيعا لفضيلة المؤلف وغيره من العاملين . ولقد كان من الواجب على إدارة المعارف أن تحرص على مثل هذا العلق النفيس لأنه الوحيد  الأول في بابه وتعلن بإعجابها لأبي عذره وتعضده  كل عضد عسى  أن ينتج لنا من بعد ما هو أنفس وأغلى ،إذ لا تكفي تلكم الجائزة التي منحتها له جمعية الحرمين : عند بروز الجزأين الأول والثاني بل ينبغي أن تسعى الإدارة في نشر الكتاب كله وإدخاله رسميا
في التعليم كما قلنا على أن تلكم الجائزة مما يدل على الالتفات في الجملة ولكن الدروس المغربية أكبر من ذلك لأنها حازت قصب السبق في ميدانها ولأن النشء في أشد احتياج إليها . وإنني لأهنئ الأستاذ حيث وضع دروسه هذه موضع الهناء في النقب. دروس التاريخ المغربي  ( تقريض/ ص :د) .

وأما عن مصادر الجزأين والمسماة في الجزء الرابع (بمآخذ الدروس) فأكاد أجزم
أن أجيالنا الحاضرة لا تعرفها بل لم تسمع عنها ،مصادر لم نتعرف على بعضها
إلا في دراستنا الجامعية ،اكتشفها النشء والشباب مع المؤرخ عبد الله الجراري أذكر منها مثالا لا حصرا الجذوة ودرة السلوك والمنتقى ودرة الحجال لابن القاضي والنزهة لأبي عبد الله اليفرني والنفحة المسكية لأبي الحسن التعجروتي والممتع لابن عبد الله محمد المهدي الفاسي .

نستمر في  مثل هذه التساؤلات ونتساءل ما الدلالة في أن يسهم مؤلفو الكتب المدرسية بالنسبة للتعليم الابتدائي في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم بكتب عُنونت
بـ “المنهاج الجديد في تاريخ المغرب ” (سلسلة في ثلاثة أجزاء :/الجزء الأول خاص بالقسم الابتدائي الثاني )يشتمل 29 مذكرة بمعدل 29 درسا، تفتتح بالمقايضة
بين المغربي والفينيقي وتختتم بصور لأهم المنجزات التي تحققت في عهد الحسن الثاني.

أما عن الدافع الثاني فأعتبره – ضمن ما يمكن أن نسميه بحفظ الذاكرة – ذلك الدين الذي يطوق أعناق أبناء مدينة مراكش ويتطلب منهم إعادته بما يعيد لها السؤدد والمجد كل من زاويته الخاصة واهتماماته الشخصية ،وضمن هذا الصدد يجب التنويه بالمبادرات التي قامت بها جهات عدة فردية أو جماعية أذكر منها على سبيل المثال -مركز الدراسات حول مراكش- 1985.  التابع لجامعة القاضي عياض من تأسيس الدكتور حسن جلاب، جمعية ابن تاشفين للمجال والبيئة من تأسيس الدكتور عبد الصمد بلكبير ،دراسات وتوثيق وتحقيق وأعمال الأستاذ أحمد متفكر ،مجهودات الكاتب الإسباني خوان غويتسيلو في حشد الدعم لتصنيف منظمة اليونسكو ساحة المدينة  ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية ،الكتابة الفردية أو الجماعية حول المدينة وآخرها “مراكش التي كانت  ” بمشاركة العديد من كتاب ومؤرخي وشعراء المدينة .

كما يجب الضرب بأيد من حديد لكل من يتخذ من المدينة جسرا للعبور إلى مآربه الشخصية ، بما في ذلك الجهات الوصية ( المجالس الجماعية ) والتي تبين بما لا يدع مجالا للشك  بعد اختبارها في أكثر من محطة أنها مجالس مواطنة بدون وطنية .

أخيرا وليس آخرا يكفي ح. بنولي الله فخرا واعتزازا أن اسمه قد أضيف إلى لائحة من أرخوا لجهاتهم ومدنهم وقبله ومعه الكثير ممن تضيق هذه الورقة بذكر أسمائهم، و تكتفي بالترحم عليهم.