آخر الأخبار

بيان الحزب الاشتراكي الموحد

أفاد بيان اليوم العالمي لحقوق الانسان للجنة الوطنية للقطاع الحقوقي بالحزب الاشتراكي الموحد، أن  المجتمع الدولي، يحتفي  يوم 10 دجنبر 2022 بالذكرى 74 لإصدار الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وقد دأب القطاع الحقوقي للحزب الاشتراكي الموحد على جعل هذا اليوم محطة للوقوف على سمات الوضع الحقوقي الدولي والوطني.

ويأتي تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، هذه السنة، في سياق دولي سمته الأساسية تنامي التوترات السياسية والعسكرية وتصاعد التهديدات الأمنية والبيئية والغذائية. فقد خلفت الجائحة وما رافقها من حالة الطوارئ الصحية، على المستوى العالمي، تراجعات مست الحقوق الأساسية – مدنية، سياسية، اقتصادية واجتماعية – للعديد من الشعوب والجماعات. وضع ازداد تفاقما مع اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، ومن خلفها الغرب الامبريالي بقيادة حلف الناتو والولايات المتحدة الأميركية، حيث عرفت أسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية ارتفاعا صاروخيا يهدد الأمن الغذائي والطاقي لمجموعة من الشعوب، ولاسيما في الدول الفقيرة. وتأتي هذه التطورات، التي تبدو ظرفية، في سياق أزمة بنيوية عالمية ظاهرها صراع اقتصادي وعمقها حرب خفية على مواقع النفوذ، بين القوى الاستعمارية السابقة والامبريالية العالمية من جهة وقوى اقتصادية وعسكرية صاعدة من جهة أخرى.
كما يَعتبر هذا اليوم مناسبة لتقييم الأوضاع الحقوقية في بلادنا وتسليط الضوء على التطورات التي تعرفها، مستحضرا ما تعيشه فئات عريضة من الشعب المغربي من تهميش وإقصاء وتفقير في ظل الارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية، الناتج عن تخلي الدولة عن مسؤولياتها في الدعم والتقنين والمراقبة والزجر. في هذا السياق، يسجل القطاع الحقوقي للحزب الاشتراكي الموحد:
فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
يتزامن هذا اليوم مع المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2023. وما يلاحظ عليه من مواصلة الاجهاز على الحقوق والمكتسبات المرتبطة بالقطاعات الاجتماعية، والذي تجاوز الطبقات الاجتماعية الدنيا ليمتد إلى الطبقة الوسطى. إذ يستمر في تجاهل العدالة الجبائية، من خلال استمرار منطق الاعتماد على المداخيل الجبائية، المشكلة أساسا من الضرائب المباشرة المفروضة على الطبقة الوسطى والضرائب غير المباشرة المفروضة على جل السلع والخدمات الأساسية، في تمويل ميزانية الدولة. كما أنه لا يتضمن أي إجراءات ملموسة للحد من آثار الارتفاع المهول للأسعار وما يرافقه من ضرب للقدرة الشرائية وللمستويات المعيشية لغالبية الشرائح الاجتماعية. وتواصل الدولة انحيازها البين للرأسمال الخاص، من خلال الاستمرار في منح امتيازات ضريبية مهمة، بل واستثناء قطاعات بأكملها، على حساب تمويل القطاعات الاجتماعية ذات الأولوية.
ومما يؤشر، أيضا، على غياب أي إرادة لدى الدولة المغربية في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، استمرارها في غض الطرف عن مسؤولية شركات المحروقات في ارتفاع أثمنة منتوجاتها – كما أقر بذلك مجلس المنافسة – وما يستتبع ذلك من ارتفاع أسعار باقي السلع الاستهلاكية.
ينضاف إلى ذلك تواتر انتهاكات حقوق الشغيلة في العديد من المؤسسات وضرب الحق في التنظيم النقابي إلى جانب التسريح الجماعي للعمال والعاملات.
عوامل ينتج عنها اتساع دائرة العطالة وانهيار الفدرة الشرائية لعموم الشعب المغربي وتعميق التفقير. هذا الوضع مرشح للمزيد من التدهور في ظل استمرار نفس الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على التبعية والخضوع لتعليمات مراكز الرأسمال العالمي والدوائر الإمبريالية.
فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية
نسجل:
استمرار التضييق على مجموعة من الهيئات الحقوقية المناضلة وحرمانها من حقها في الحصول على وصل الإيداع القانوني، بهدف الحد من قدرتها على الفعل والمبادرة؛
استمرار الاعتداء على الحريات العامة ومتابعة عدد من مناضلي الإطارات الديموقراطية والتقدمية وكذا المدونين والصحفيين، إضافة إلى مجموعة من فاضحي الفساد، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان.
كما يأتي هذا اليوم في سياق تخليد الهيئات الوطنية والديموقراطية الحقوقية ليوم المختطف، وما يميزه من استمرار التراجعات في مجال حقوق الانسان والعودة إلى قمع الحريات والاعتقالات السياسية. لذلك يعتبر مطلب تفعيل آليات حماية حقوق الانسان ومن ضمنها حماية المدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان ، ضرورة ملحة في الظرفية الراهنة.
فيما يتعلق بملائمة التشريعات الوطنية، يسجل القطاع الحقوقي للحزب الاشتراكي الموحد على أنه بالرغم مما تنص عليه ديباجة الدستور من سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين المحلية، فإن هذا الإقرار لا يجد له تمثلا في السياسة التشريعية للدولة ولا في الواقع. فمطلب الملاءمة ووفاء الدولة المغربية بالتزاماتها الدولية، لازال قائما وكذا تبني سياسات تستجيب لهذا الهدف وتجعل من هذه الحقوق حقيقة معيشة وليست مجرد نصوص قانونية معزولة عن الواقع.
كما لا يفوتنا، بمناسبة هذا اليوم، التذكير بمرور سنتين على توقيع اتفاقية العار، اتفاقية التطبيع الرسمي والعلني مع الكيان الصهيوني، مع ما يعنيه ذلك من تواطؤ مع الاحتلال الصهيوني وجرائمه المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني. وفي هذا الإطار، نعبر عن اعتزازنا بالمواقف المشرفة التي عبرت عنها الجماهير المغربية، بمناسبة مباريات كأس العالم لكرة القدم، والمتمثلة في دعمها اللامشروط لحقوق الشعب الفلسطيني البطل ورفضها لكل أشكال التطبيع الرسمي والشعبي مع الكيان الصهيوني.
بناء على ما تقدم،
فإن القطاع الحقوقي للحزب الاشتراكي الموحد، يعلن للرأي العام ما يلي:
تنديده بتشديد القيود المفروضة على الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير واستمرار اعتقال الصحافيين والمدونين ونشطاء الحركات الاجتماعية، ومطالبته بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحفيين والمدونين وما تبقى من معتقلي حراك الريف، مع إلغاء كل المتابعات والمحاكمات الصورية التي لا تستجيب لشروط المحاكمة العادلة؛
مطالبة الدولة بالكشف عن الحقيقة فيما يتعلق بضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير والكشف عن كل المتورطين في هذه الجرائم وتقديمهم للمساءلة، تفعيلا لمبدأ عدم الافلات من العقاب؛
مطالبته بتوفير و ضمان المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (شغل، صحة، تعليم، نقل…) واعتماد سياسات عمومية تحرص على الحد من ارتفاع أسعار المواد الأساسية مع خلق فرص شغل حقيقية تضمن كرامة المواطن؛
مطالبته بالتعجيل بالمصادقة على بقية المواثيق الدولية، ومنها البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ وكذا ملائمة التشريعات الوطنية، ومنها مدونة الاسرة والقانون الجنائي مع مواثيق حقوق الانسان، وفق مقاربة تشاركية تدمج الحركة الحقوقية في مسلسل الملاءمة؛
مناشدته الحركة الحقوقية الوطنية والإقليمية والدولية للتكتل حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والتصدي للانتهاكات المنتهجة من طرف الكيان الصهيوني وفضح كل اشكال التواطؤ والتطبيع معه، إقليميا ودوليا، من منطلق كونية حقوق الإنسان التي لا تقبل بالتمييز ولا بازدواجية المعايير.
في الختام يؤكد الحزب الاشتراكي الموحد، من خلال قطاعه الحقوقي، على استمراره في الدفاع عن حقوق الانسان في مفهومها الشمولي و كما هي متعارف عليه دوليا، والعمل جاهدا على النهوض بها وحمايتها، كما يناشد كل المناضلات والمناضلين، كل من موقع مسؤوليته، للتصدي للتراجع الممنهج عن المكتسبات الحقوقية ومجابهة الفساد والاستبداد.