آخر الأخبار

بقايا أزمة

إدريس المغلشي


دع عنك النظريات في تدبير الإدارة العصرية ، فهي مجرد شعارات تتخلى عن فعاليتها ونجاعتها متى أمسك بها الارتجال واستبدت بها الفوضى .فأغلب مبادئها ومقوماتها حالمة فاقت سرعتها وسطا إداريا متخلفا ومحنطا،غير قادر على تجاوز معيقاته.العناوين براقةذات حمولةقوية ومضامين مغرية.صورتها جاذبة ومثيرة ،لكن طريقة تدبيرها أصبحت متجاوزة.المنهجية الكلاسيكية هي الأخرى لم تعد قادرة على مسايرة مستجدات وتحولات الساحة المتسارعة وأغلب مسؤولينا لايتوانوا بمناسبة وبغير مناسبة في تقديم دروس ومحاضرات بدواعي أنها غيرمجدية.لكنها تظهر فجاة بمعالمها المشوهة من خلال المؤشرات لتصدمك من جديد .مجموعة من الشعارات المرفوعة كثير منها مناسباتي كمسكنات مهدئة بشكل مؤقت ما تلبث أن تظهر فجأة كفطريات عشوائية، بعدما التف حولها بائعوكلام .إذا أردت معرفة النوايا الخفية للإدارة بعيدا عن النص وتمظهراته فماعليك إلاالبحث عنها في الهوامش والقرى المنسية والمداشربعيداعن الرسميات. أغلب الأوراش التي تهتم بالقطاعات الحيوية كالتعليم والصحة تعيش معيقا بنيويا في التصور وعدم قدرة المسؤول المركزي إعطاء فسحةاجتهادداخل النص لخصوصية المجال. التوجه الخطير الذي اصبحت تتبناه الإدارة عموديا كونها تتبنى فكرة المجموعة المنضبطة للنص بشكل آلي وهو مايعتبر تعسفا للفكرة وروحها التي تستدعي الوفاء في مقابلها تحتاج لحرية التصرف وإبداع في الإخراج حسب خصوصية المجال وهذا ما ركز عليه جل المهتمين والمراقبين في مرافعاتهم واضعين الأصبع على مكامن الخلل .الأحداث تتكرر وبنفس الأخطاء ونفس النتائج دون ان نجد من يسلط عليها الضوء لإنقاذ مايمكن إنقاذه. في ظل ظروف غلب عليها طابع التكتم وتجسيداللشعار الدارج ” لخطية لي ماشافوهاش عينين كلها ربح ” .
باعتبار التتويجات لحظة إنسانية بامتياز يتم من خلالها تقديم الحصيلة . الغرض منها تقييم مشروع وأثره على المنظومة التربوية والذي يجب ان يكون عائده على التلميذ بالضرورة. في هذا السياق حضروزير التربية الوطنية بمناسبة الإحتفال بأستاذ السنة برسم 2022 والذي تم يوم 5 فبراير 2023 وهي لحظة زمنية تساءلنا عن التوقيت ما دام هو الآخر لا يعرف استقرارا كمنظوتنا المتعثرة فكل سنة نحتفل في يوم ما من اختيار جهة غير معلومة دون ذكر السبب وكان الأحرى ان تتم هذه المناسبة كاقتراح تم تقديمه عدة مرات دون ان يجد آذانا صاغية ، في محطتين أساسيتين 5 اكتوبر او نهاية السنة باعتبارهما دالتين على رمزية معينة. كما أن أكبر أكاديمية في الوطن المحتضنة للحدث ،لا تملك قاعة جذيرة بهذه اللحظة.وهو أمر يسائل تدبير هذه الأكاديمية .
الاحتفال يأتي في سياق ساحة متوترة شغيلة غير راضية على وضعها المادي من خلال اتفاق إطار يحتاج لكثير من المحطات والنضال والتوضيح أيضا.وتلاميذ نقطهم معلقة في السماء وفي علم الغيب مادامت الوزارة تجيد سياسة الهروب إلى الأمام عوض الجلوس إلى طاولةالحوار وتتميم مقتضيات الإتفاق الأكيدأنه سيشكل شحنة قويةحقيقيةفي إطارالتحفيز كما تدعي لتحسين المردودية عوض لحظة مناسباتية فيها من الصور والمجاملات وهدر للزمن والإمكانات دون أن تقدم شيئا يذكر للمنظومة .إشكالياتنا في تدبير الأزمة أننا لا نملك جرأة التحليل والمواجهة للمعيقات الحقيقية.التناقض الصارخ الذي نعيشه يبين بجلاء أننا لا نجيد سوى لغة وسياسة (الفيترينا) والحال اننا نعيش بقايا أزمة تدبير متجاوز يعتقد البعض أو يسعى لإيهامنا بأنه لازال يملك مفعولا سحريا لتحقيق نتائج مأمولة والحال أننا في الحقيقة ننتظر سرابا .
قبل تتويج أساتذة مبدعين برسم سنة 2022 في التربية وبالمناسبة نهنئهم في ظل ظروف صعبة لازال هناك بصيص من الأمل وسط هذه العتمة القاتلة .نحتاج كذلك لمسؤولين مبدعين.فلايمكن ان نطلب من الآخرين ما نحن عاجزون عن تحقيقه. ففاقد الشيء لايعطيه .