آخر الأخبار

امريكا و الأوضاع العربية المشرقية البؤرة اللبنانية – 10 –

وكأن التقنوقراط أطهار ولا يصدر عنهم سوء ، وكأنهم لن يخضعوا وهم مجرد أفراد لضغوطات ذوي المصالح السياسية الوطنية و الدولية . والمفارقة الأخرى ، وكما كان متوقعا ، حرکت هذه النازلة شبكة من ذوي المصالح الوطنية والدولية لتتصدى لحماية المدير ولكي لا يصل التحقيق الجنائي إلى مرامية . و تكشف هذه النازلة في الأخير عن الدور المركزي للطغمة المالية في التحالف الطبقي الحاكم . عشرات القضايا تضافرت محنها مع بعضها لتقلب حياة المواطن الى شبه جحيم . أذكر من المأساة الإنسانية المفجعة لآلاف الأسر ، والخسارة المالية والاقتصادية الفادحة ، من جراء حادث الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت ومحيطه الانهيارات المتتالية للعملة الوطنية لتلاعبات متعمدة وخفية . الحجز على ودائع المواطنين في المصارف والشك في تبخر معظمها . تهريب محقق للأموال إلى الخارج ، يقدره البعض في السنتين الأخيرتين فقط ب 20 مليار دولار . مديونية فاقت قيمة الإنتاج الوطني وعجز في التمويل يتفاقم ويندر بإعلان الإفلاس المالي ، مع وقف نهائي وقريب لتمويل امدادات الطاقة الكهربائية ، ودعم المواد الاستهلاكية الحيوية والتصديرية وبالتالي ضياع لا يتوقف لشغل آلاف المأجورين . جائحة كرونا والإمكانيات المتواضعة للحد منها . مسألة مليون لاجئ سوري مازالت المعاندة السياسية والمنع الأمريكي يحولان دون عودتهم لوطنهم . جميع هذه القضايا تنتظر الحل ، وتشكيل الحكومة ما زال يترنح في مكانه بعد سبعة أشهر من التكليف . وكأنها حكومة ” جودو ” الذي يأتي ولا يأتي . ولا فائدة من الخوض في طلاسم التبريرات المتناقضة لهذا الجمود والتعثر . كما لا يظهر أن المبادرة الفرنسية ستنجب حلا . على الرغم من تهديداتها الاستعلائية بالعقوبات على من يعطل تشكيل الحكومة ، متجاهلة أن هذا الأمر يدخل في شأن السيادة الوطنية . وكان من الأفضل كما يقول الملاحظون عن حق لو أن فرنسا ساعدت بجد وبمعية الاتحاد الأوروبي في الكشف عن مهربي الأموال إلى أبنائهم ، فهذه مسألة جنائية ومقبولة قانونيا في التعاملات الدولية . أما الولايات المتحدة التي لها اليد الطويلة في لبنان ، فلم تظهر بعد أي اهتمام فعال ، سوی ما قامت به من استغلال لكل شاذة وفاده لعزل حزب الله الإرهابي في عرفها ، و ما قامت به مؤخرا من وساطة في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان و إسرائيل لحل خلافهما على الحدود البحرية . وليس واردا على الإطلاق أن يتنازل لبنان عن حقوقه التي أعاد ترسيمها وفق ما ينص عليه القانون الدولي والوثائق التاريخية في هذا الشأن.