آخر الأخبار

امريكا و الأوضاع العربية المشرقية البؤرة اللبنانية – 6 –

وقتداك . وأسفرت الحرب بعد أزيد من أربعين يوما على هزيمة مدوية للتفوق الاستراتيجي الإسرائيلي . ومن تم تغيرت ، ولأول مرة ، معادلات الردع في المنطقة . كما خاض حزب الله وبتعاون مع الجيش اللبناني الحرب على المنظمات الإرهابية على جانبي الحدود السورية – اللبنانية ، وتحمل حزب الله أثقالها القتالية الكبرى لتمركز المنظمات الإرهابية على الجانب السوري من الحدود ، والتي كانت تتأهب لدخول لبنان والاستقرار فيه . وما عاد أحد ، اليوم ، وبشهادة الخبراء العسكريين أنفسهم ، يجادل في المقاومة اللبنانية باتت تشكل قوة ردعية يحسب لها ألف حساب ، وكيف أنها أضحت الخطر الأكبر في المنطقة الذي يتهدد إسرائيل ومخططاتها . وليست المعارك القتالية إلا وجها واحدا من وجوه الصراع اليومي ، المخابراتي والسياسي والديبلوماسي والشيطنة الأخلاقية والتمويل المالي والتشهير الإعلامي ، تتآزر في حبكها جميعا دول كبرى وقوى محلية وعربية نافدة ، وبقدرات هائلة لم تواجهها قط أية مقاومة سابقة في التجارب الوطنية التحررية العالمية . والمقاومة لا تزيد إلا قوة ومناعة وخبرة ! ثانيا : لم يكن من خيار آخر سوى أن يشارك حزب الله في الإدارة الحكومية لشؤون البلد اللبناني . لدوافع عدة ، منها ، أن انعزاله عن حاجيات الناس في كافة القطاعات يضر بالمقاومة ويصب في تجفيف علاقاتها مع أوسع مكونات المجتمع اللبناني . ومنها أيضا ، وأساسا ، الحفاظ على الحد الأدنى الوطني للدولة في الصراع مع إسرائيل وحلفائها في المنطقة ، خاصة وأن الدولة تعاني من نقص مزمن في سيادتها ، ولهذا كانت تراعي التوازنات الخارجية لتستكمل استحقاقا ما في هيكلتها الانتخابية الدستورية كما هو حال تعثر التشكيل الحكومي اليوم . وانه لحدث ذو دلالة كبرى ، فقد رأينا كيف أقدمت حكومة الرئيس السنيورة ذات اللون السياسي الواحد ، وحزب الله كان خارجها ، على قرار خطير ، استهدفت منه ، فك المنظومة التقنية للتواصل الداخلي للمقاومة ، وتجريدها من أهم آدرعها القتالية عند الاقتضاء . وكاد القرار أن يشعل فتنة أهلية ضارية ، لولا إحباطه الفوري ، و بالقوة ، من قبل المقاومة ، و اضطرار الحكومة للتراجع عنه . انه مثال وحسب عما يخلفه ترك المقعد الحكومي شاغرا على التوازنات الداخلية ، وعلى الحفاظ على الحد الأدنى الوطني المشترك . ولا يزال نفس المسعى الذي تحاوله الولايات المتحدة و بعض حلفائها العرب لعزل حزب الله عن أي مشاركة له في السلطة ، لكي تكون أكثر حرية في اتخاذ السياسات المناوئة ، ولكي تكسر مبدأ وحدة ” الشعب والجيش والمقاومة ” الذي تبنته الحكومات التي شارك فيها الحزب . وقد لا يغيب عمن تمعن في التجربة برمتها ، أن حزب الله لا يرى بعد ، أن الظروف العامة الذاتية اللبنانية ، و موازين القوى الخارجية ، قد نضجت بالقدر الكافي لتجاوز النظام الطائفي ، على علاته و أزمته المتفاقمة ، وأن التقدم بخطى حثيثة نحو إنضاج توافق أوسع على مشروع وطني انقادي ما زال هو الطريق الإصلاحي الأسلم .

لكن هذا الخيار ، الذي لم…