آخر الأخبار

امريكا و الأوضاع العربية الشرقية – 8 –

ستظل القضية الفلسطينية محور الصراع القومي التحرري للشعوب العربية . وهي ” ترمو متره ” في التقدم أو التراجع . مفارقة الكيان الإسرائيلي اليوم ، أنه لا يعيش أزمة سياسية حكومية وحسب ، د ، طالت أربعة انتخابات تشريعية متتالية ، وذاهبة ، على الأرجح ، إلى خامسة ، لعدم توفر النصاب التشريعي الأدنى ، ولكثرة الخلافات الشخصية والحزبية بين الكتل الفائزة المؤيدة لنتنياهو والمعارض له . وهو الشخص المتهم قضائيا بالرشوة واستغلال النفوذ . المفارقة هنا ، أنه في الوقت الذي نجحت فيه إسرائيل في انجاز اختراق تطبيعي ، وأكثر ، مع بعض البلدان العربية ، وهي مسألة وجودية بالنسبة إليها ، وستعود عليها بفوائد کبری علی کیانها ونفوذها معا ، في هذا الوقت ، يشهد محللون ومسؤولون كبار سابقون ، أن إسرائيل قادمة على أزمة وجودية لا فكاك منها ! ويصفونها في الأغلب ب ” الفتنة الأهلية ” !؟ وكيفما اختلفت تحاليلهم لدوافعها ، في هذه الجزئية أو تلك ، فهم في جميع الأحوال يحاولون استشراف المستقبل انطلاقا من تصورهم الصهيوني وحرصهم على الكيان الإسرائيلي . ولذلك ، غالبا ما يعتبرون ، أن مرد الأزمة الوجودية يعود إلى النمو المضطرد اللتيارات الدينية ( الحريديم ) و ” الصهيونية الدينية ” والشوفينية العنصرية التي تلازم نموها مع تضخم كتلة المستوطنين لما بعد 1967. و الأزمة بهذا المعنى ، هي حصرا ، نابعة من تراجع التصور ” العلماني الليبرالي ” مقابل تضخم الإيديولوجية الدينية بجميع أصنافها . و يتناسى هؤلاء أن الصهيونية تكونت عضويا ، و من الولادة ، على أساطير دينية عنصرية واحتلالية استطانية . ولذلك ، لا يمكنها أن تكون غير ما هي عليه ” جينومها ” هذا ، إلا إذا انقضى عمرها الافتراضي . لقد حدثت فعلا ، في العقود الأخيرة ، تغيرات ملموسة في تراتبية وأدوار مكونات الكيان الإسرائيلي ، كبرت معها أدوار الكثل اليمينية المتطرفة ومن أجيال جديدة . وجميعها ذات ميولات دينية شوفينية إستيطانية ، وبات لها تمثيل يتسع في النخبة السياسية الحاكمة ، ولها تأثيرها القوي على التوازنات الكلية . ولم تكن نخبة الرعيل الأول لا أقل عدوانية ولا أقل تعصبا شوفينيا استيطانيا ، سوى أنها كانت أكثر ميلا للعلمانية ومن أصول غير شرقية ( الإشكناز ) . إنها تغيرات موضوعية لا مناص منها للأيديولوجية الصهيونية الجامعة . وفي هذا الوضع ، لا تضطلع التقسيمات الاجتماعية ، وتلاويتها السياسية ، كما هي في الية العلمانية ” ، إلا بدور ثانوي يزداد ضالة مع التضخم الإيديولوجي الصهيوني الحاتمي، ولهذا ، تفقد الانتخابات تنافسيتها على مصالح وخيارات اجتماعية معينة.