آخر الأخبار

امريكا و الأوضاع العربية الشرقية – 12 –

أولا : أن جميع الفصائل أدرکت ، بلا رجعة ، أن لا خيار لها أمام التحديات الكبرى القائمة ، سوى الخيار الوحدوي و أولويته على غيره من التباينات الفصائلية . ثانيا : أن هذا الإدراك يعبر في عمقه عن نمونوعي في الوعي الديمقراطي الوحدوي لدى جميع الفصائل ، ما جعل من توحيد الإطار ( سلطة ومنظمة التحرير ) كطريق لحل باقي الخلافات ، مهمة ذات أولوية على ما عداها ، مما سيحد من الغلو في تأويل التباينات القائمة ، و يجعل التنافس السياسي ممکننا وضروريا في إطار الوحدة لا خارجها أو ضدها ولا يناقض هذا الاستنتاج الموقف الفريد للجهاد الإسلامي الرافض للمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة ، لأنها تجدد شرعية أوسلو في تصور المنظمة لكنها أعلنت في نفس الوقت أنها على استعداد للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني الموحد ، وفق الأرضية السياسية الأدنى التي سيتم الإتفاق عليها . وأنها لن تعيق الانتخابات التشريعية . وهذا موقف في غاية المرونة الوطنية . ثالثا : ولأن هذه التباينات ، بعد الفشل القاتل لاتفاقية أوسلو ، و أمام التحديات الكبرى التي ما انفكت تضع القضية الفلسطينية من جذورها إما أن تكون أو لا تكون ، قد جعلت من التباينات السابقة ، المرتبطة أساسا بالمواقف من اتفاقيات أوسلو ، مجرد خلافات تكتيكية جزئية وظرفية في التصريف العملي ، على غير ما كانت عليه في الماضي كخلافات و وتناقضات إستراتيجية . وهذا ما تؤكده الاتفاقات السياسية في محطات الحوار السابقة ، و منها ، إشادة الجميع بأرضية المقاومين المعتقلين ، وكذلك البيانات السياسية المركزية لكل الفصائل . وبهذا المعنى ، الأرضية السياسية البرنامجية الأدنى متوفرة موضوعيا و ذاتيا ، و قابلة أن تستخرج في صياغة جماعية مشتركة في إطار توحید منظمة التحرير الفلسطينية ، واستعادة دورها المستقل كقيادة لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ، وبما يسمح بتعددية الآراء في التكتيكات الظرفية ، بل و بالتركيب الوظيفي الممکن بينها ، إن جاز القول . الدوافع السابقة لم أسقطها من رأسي على مجريات الأمور ، بل هي مقاربة أمينة للروح الجديدة المصرة على أولوية وحدة الإطار بنفس ديمقراطي تعددي . و هذا تحول كبير لابد من أخده في حساب مستقبل القضية الفلسطينية في الزمن المنظور . ومن ضمن هذا الحساب ، الذي لا يخفى على أي فصيل فلسطيني ، أن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة ، ليست إلا استمرارا للسياسة الأمريكية الدائمة لصالح إسرائيل ، وليس بوسعها ، كما كتبت في المقالة السابقة ، إلا شراء الوقت بترضيات جزئية ، كالقول ، بحل الدولتين ، و بتعبير أدق ، دولة قابلة للحياة ( ؟؟ ) ( أي ليست كاملة السيادة ) وعلى أرض متنازع عليها ( أي غير  محتلة ) ! وفي جميع الأحوال ، لا موقف عملي حازم ضد التهجير والاستيطان ولا ضد الجرائم الإنسانية التي ترتكبها اسرائيل يوميا ، وموقفها من قرار محكمة الجنايات وفي المجلس الدولي لحقوق الإنسان لا يحتاجان إلى تفسير . ناهيك عما ستقوم به من ضغوطات ، مرئية أو غير مرئية ، لفك الوحدة الفلسطينية بذريعة ما تسميه بالتنظيمات الإرهابية ، وما ستسعى إليه من جر السلطة الفلسطينية القادمة إلى مفاوضات ماراطونية وغير متكافئة لشراء الوقت الذي تحتاجه بلا طائل منه . الكا ، تلك الاسباب المعروفة لدى الشعب الفلسطيني وفصائله وقياداته ، لا أرى مستجدا ما تبقى من جمر انطفأ تحت رماد رهانات أوسلو . وإذا جرت الانتخابات مقرر ، فإن حصيلة 36 لائحة انتخابية ، وبقوائم فتح المتباينة سوف تكون حتما لصالح تصليب الخيارات لا تعويمها ، ولصالح الوحدة الفلسطينية أولا وأخيرا