آخر الأخبار

الـــفـــتـــق والـــرتـــق

إدريس بوطور 

“الفتق ” و ” الرتق “مصدران ثلاثيان متلازمان ، وجود أحدهما يقتضي وجود الآخر ** والفتق ليس فتحا أو شقا طبيعيا تلقائيا بل هو تمزق بفعل فاعل يحدث بين عضوين متلاصقين ومنسجمين . أما الرتق فليس خياطة بالمعنى المتداول بل هو إرجاع عضوين أو عنصرين كانا متلاصقين ومنسجمين إلى وضعيتهما الطبيعية السالفة ** ويعتبر مجال الجراحة الطبية أكثر الميادين استعمالا للكلمتين معا ، حيث يتم علاج الفتوق والتمزقات التي تصيب جسم الإنسان داخليا وخارجيا عن طريق عملية الرتق، ولا يقتصر الأمر على الجراحة الطبية الحديثة ، بل نجد قول العرب قديما ( رتق الجرح بالكي ، أي بالنار) ** واللغة العربية ليست لغة بسيطة عادية تستعمل من خلالها الكلمات بمعناها السطحي الظاهر فقط ، بل إنها لغة بيان وبلاغة غنية بالمعاني واللوحات التعبيرية حتى إن القارئ أو الباحث يجد للكلمة الواحدة بالإضافة إلى معناها الظاهر معان أخرى متعددة المشارب اعتمادا على وظيفتها الأصلية ** وبالنسبة للرتق والفتق فقد تم تداولهما في الحياة العربية القديمة خاصة في مجال العلاقات الإنسانية والتربوية ، فنجد هذا القول ( فلان يرتق الفتق ) للدلالة على أنه يقوم بعمل أخلاقي نبيل ومقبول وهو إصلاح ذات البين بين المنفصلين والمتخاصمين إما في إطار الصداقة أو العلاقة الزوجية أو المعاملات التجارية . كما أن الفتق لدى العرب في حياة القبيلة يعني شق عصا الطاعة والخروج عن نظام العرف السائد . كما يشتق من الفتق كلمة “التفتق ” والتي تعني الظهور والتفتح ** وتسمي العرب النجار ب “الفيتق” لأنه يشق وينشر الخشب ثم يرتقه بالمسمار ** تلكم كانت ومضة خاطفة من إشعاع اللغة العربية وبيانها أوردتها موضوعا لتدوينة هذا المساء لتعميم الفائدة قدر المستطاع.