آخر الأخبار

الجدية هي” المعقول ” أيها المسؤول 

إدريس الأندلسي 

يمكن أن نلخص بكثير من الصدق أن الخطاب الملكي أكد أن كل ما انجزناه كوطن كان نتيجة الجدية.  و يمكن قراءة الخطاب من زاوية أخرى  و هي أن كل ما لم ننجزه في كل القطاعات كان بسبب غياب الجدية.   المغاربة يعتبرون أن  الجدية هي  ” المعقول” و هذه الكلمة ذات مدلول متعدد الأوجه  و الدلالات  و كلها تصب في  طريق واحد و هو الوفاء للوطن  و مسيراته نحو الإقتصاد الصاعد  و المجتمع العادل  و التدبير العقلاني للشأن العام  و الرقي بالإدارة  و القضاء و القضاء على كل أشكال اقتصاد الريع  و الممارسات المضرة بالمنافسة  و محاربة التهرب الضريبي. 

 المعقول أيها المسؤول رسالة حملها خطاب العرش للمواطنين  و خصوصا لؤلاءك الذين أرادوا أن يتحملوا مسؤولية عن طريق الانتخاب أو التعيين.  الدستور واضح  و يؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة.  كل البرامج السياسية لكل الأحزاب تردد بكثير من الصخب ضرورة المحاسبة.  و كل مؤسسات المجتمع المدني تردد نفس الخطاب في بيانتها  و خلال كل تظاهراتها.  المعقول،  و هو المدلول لما وضعه عاهلنا كخيط ناظم لخطاب العرش لهذه السنة  ، يعني أن المسؤول غير الجدي هو سبب  اخفاق سياسات عمومية رصدت لها ميزانيات بالملايير.  و هذا المسؤول الفاشل  هو مسؤول ” غير معقول”.

قراءة الخطاب الملكي لا يحتاج الى خبراء لتحليله  و لكن إلى مواطن يناضل من أجل الحضور في القرار  و في السياسات  و في تقييم النتائج و  في محاسبة المسؤولين. يجب ربط مضامين الخطاب الملكي لسنة  2023  التي تسجل حضورا فاعلا لملك مناضل و فاعل لتغيير الواقع منذ 24 سنة.  أتذكر أول خطاب للعرش حين أعلن الملك محمد السادس أنه لا ”  يمتلك عصا سحرية ” و لكنه سيعمل من أجل بلاده  و مواطنيه.  كل ما تم إنجازه يمكن وضعه تحت عنوان كبير هو” التتبع الملكي للمشاريع ” الكبرى و المتوسطة  و حتى الصغرى. 

لكل ما سبق  و بناء على مضمون الخطاب الملكي وجب التذكير بأننا نحتاج إلى النزهاء  و الخبراء  و ذوي الكفاءة في كل المؤسسات الرسمية و المدنية لبلوغ مراتب النمو الكبير  الذي سيمكن بلدنا من الدخول إلى نادي الدول التي لا ترضى بمعدلات نمو لا تخلق ثروة حقيقية  و لا تؤثر على معدل البطالة. “ناس المعقول ” هم جنود التغيير في كل المؤسسات،  و هم من يمكن أن يعززوا الثقة في المؤسسات،  و هم من ستشير إليهم الأصابع بالخير إن كانوا نزهاء شرفاء و ذوي كفاءة تؤثر على وتيرة الإنجاز  و فعاليته.  الجدية أو المعقول هي أن تقوم مؤسسات الحكامة بأدوار ها الدستورية في مجال العدل و العدالة  و الإنصاف  و محاربة الرشوة  و الاغتناء غير المشروع  و آليات السمسرة الفاسدة   و المحاسبة غير ” المسيسة” .

الجدية أي  المعقول رسالة ملك إلى شعب شغوف بمستقبل كبير  و محتاج إلى تنزيل سليم لسياسات اقتصادية و اجتماعية في كل القطاعات و المجالات. الجدية نهج في التقييم السليم للمسؤولين  و في التتبع العملي لكل المشاريع العمومية. نعم حققنا الكثير من الإنجازات على مستوى البنيات الأساسية التي تهم الطرق و الموانئ  و السدود  و المدارس  و المستشفيات  و شهدنا تنزيل التغطية الإجتماعية. و هذا إنجاز لا ينكره إلا جاحد.  لكن يوجد بين ظهرانينا من هو عدو لمطامحنا كمغاربة محبين لبلادهم  و مؤمنين بقيمة مؤسساتها.  لا يمكن أن نعطي قيمة حقيقية للجدية أي ” المعقول” و النخبة السياسة تتاجر، في أغلبها،  بالشأن العام  و تدبيره. كيف يمكن أن يصبح ضعيف التكوين  و صاحب ثروة نتجت عن موقع في حزب و في جماعة ترابية أن يكون جديا.  نحتاج إلى جدية في مجال الفعل في مجال التتبع  و التقييم و المحاسبة  و الفعل القضائي الصارم و الرادع لأعداء رفعة الوطن و المواطن. ملك البلاد يريد ” المعقول” و كل مكونات الوطن من مؤسسات و أفراد يجب عليهم يحاربوا بقوة القانون كل من يسعى إلى تدمير الثقة في نهج الجدية مهما كان موقعه الإجتماعي و الوظيفي.  الجدية مطلب ملكي  و شعبي  و أساس لبناء مستقبل يليق بالمملكة المغربية. لذلك يترقب المواطن رحيل اؤلئك الذين خانوا ثقته  و لا زالوا جاثمين على الكراسي.  ما دام في مؤسساتنا الترابية و الحزبية  و الإدارية فاسدون فلنعلم أن  معركة التغيير أولوية الأولويات لضمان مستقبل أفضل للوطن و المواطن المعقول.