آخر الأخبار

البيت الأبيض و الظلم الازرق و الفيتو الأسود 

 إدريس الأندلسي

يعبر البيت الأبيض على لسان افارقة أمريكا بأن الظلم يمر عبر خطاب  و رفع يد سوداء تشكل رفضا للعدل في أكبر مؤسسة عالمية قيل أنها مجلس للأمن. الكل يعلم من  هم اجداد كولين باول الذي لعب دور الساحر، حين كان

 وزير خارجية من علموه الكذب، مثله مثل كوندليزارايس خادمة جورج بوش الابن ، و مثل كل السود الافرو أمريكيين في مركز القرار  الدبلوماسي الذين اجبروهم على رفع الفيتو لوقف إبادة الفلسطينيين رغم المظاهرات،  غير المسبوقة التي خرج فيها الامريكيون بكل أطياف أصولهم، و عبروا عن  رفضهم  لجرائم  الصهاينة  في غزة. و قد سبقهم كبيرهم كولين باول ، و هو الجنرال  الذي تولى أعلى  المراتب،  فقام بتبرير ذبح العراقيين  و إقامة مجزرة ضد الإنسانية في سجن أبو غريب.  أتذكر كلامه خلال إجتماع مجلس الأمن في مارس  2003 . قال  هذا  الجنرال  أن الدبلوماسية  فشلت  و أن  حلفاء  أمريكا  لا تهمهم  مبادىء  القانون الدولي. و بجانب أمريكا من سمي آنذاك ” بكلب أمريكا ” و هو رئيس حزب العمال البريطاني المأجور توني بلير الذي كلف وزير خارجيته المعتوه   لقول الكثير  من  المغالطات و الذي تحول إلى محام  يدافع  عن الجزار  الاثم.  و كان هذا الدعم الغبي  و اللامشروط  بداية  تراجع حزب  العمال   المستمر  إلى  يومنا هذا.  الجلسة سجلت خطابا  قويا للوزير الفرنسي، إبن الرباط ، دومينيك  دو فيلبان الذي لا زال وفيا لمبادئ القانون الدولي إلى حدود اليوم.  كانت مسرحية تحت قبة مقر الأمم المتحدة. تمسك كولين باول بأكاذيبه عن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل  و عارضته كل الدول الممثلة في مجلس الأمن آنذاك بإستثناء بريطاني.  

أمريكا قررت  و نفذت الهجوم  و الاحتلال  و أعترف كولين باول  قبل غيابه،  أنه كان يكذب.  و أعترف توني بلير بأنه كان تحت ضغط أمريكا . و أستمر إستعمال القوة و لغة الدمار بالمفهوم الأمريكي إلى اليوم.  نحن كأفارقه، افتخرنا كثيرا بمناضلي القوة السوداء في أمريكا و حلمنا مع مارتن لوثر كينغ  و تأثرنا لاغتياله  و لاغتيال كيندي الرئيس الشاب. كان حلم لوتر كينغ هو حلم القارة السمراء التي كانت تعيش دول منها تحت وطأة عنصرية أتت من أوروبا لتؤسس روديسيا العنصرية التي تحولت إلى زيمبابوي  و جنوب أفريقيا التي كانت تحميها أمريكا  و بلاد الإنجليز و بعض دول أوروبا ،التي كانت  و لا زال أغلبها ،يتاجر بالمبادىء  من أجل المصالح. ذبحت شعوب أمريكا اللاتينية بالملايين  و تم اعتقال  و تهجير مئات الآلاف من أفريقيا إلى أمريكا التي كانت تحكمها عصابات تحولت إلى مؤسسات مالية تحكمت فيما بعد في كل المؤسسات من بيت أبيض  و مجلسي النواب   و الشيوخ.  و لا زال الأمر على ما هو عليه. أمريكا لا يهمها أن ترتبط قيمة الدولار بذهب  و لا فضة  و لا نفط.  منذ 1971 قرر الرئيس نيكسون صاحب فضيحة ” واتر جييت” فصل الدولار عن الذهب.  و زادت قوة التحكم  و أصبح الدولار سلطة  و سلاحا  و قرارا  و حاكما في البنك الدولي  و صندوق النقد الدولي. 

جاء أوباما ليلعب دور الفتى الأفريقي الذي نجح في تسلق الدرجات العلمية و السياسية.  قرروا أن يصبح رئيسا  و وضعوا خلفه هذا ” البايدن ” محب الصهيونية منذ زمان.  حاول الشاب أوباما أن يدخل إصلاحات صغيرة على التغطية الصحية،  فنعتوه بالاشتراكي  و الشيوعي  و المدمر لليبرالية التي أقرها الآباء المؤسسون. أتذكر أحد كتب حسنين هيكل حول أصل  أصحاب البنوك الكبرى الأمريكية. اجدادهم، حسب الراوي، هم من عتاة القراصنة الذين بنوا ثرواتهم عبر إعتراض السفن  و سرقة الذهب  و كل المعادن ذات القيمة العالية. أستمر نظام الميز العنصري في أمريكا إلى العقد السابع من القرن الماضي.  و رغم الميز العنصري فتحت أبواب الإبداع الفني المناهض للعنصرية عبر موسيقى البلوز  و الجاز  و حتى الكوسبيل و أستمر نضال السود من أجل الحصول على صفة مواطن.  و أستمرت عدوانية الطبقة الحاكمة على شعوب الأرض في الفيتنام  و كوريا  و كوبا  و المكسيك  و زادت شهيتهم للسيطرة على الثروات بعد أن أصبح الشرق الأوسط مصدرا للطاقات الاحفورية.  فكان من  اللازم دعم أبنائهم الصهاينة  عبر السيطرة على دول الخليج  و تفكيك الشام  و العراق  و تشجيع إسرائيل على ارتكاب المجازر. فلتذهب محكمة العدل الدولية الى الجحيم،  و لتنهار كل مؤسسات الأمم المتحدة  و ليمت كل مناد بالحرية  و الكرامة . هذه هي أمريكا التي لا تسمح بحرية التعبير  و لا بحقوق الإنسان  و لكنها تعطي لنفسها الحق في محاكمة كثير من الدول لأسباب تختلقها كحقوق إنسان تقتصر على الدفاع عن قاتل أطفال غزة أو  مغتصب نساء في سجن أبو غريب بالعراق. رأيت صور تعذيب امريكيات لسجناء عراقيين  و لم ألاحظ فرقا بينها  و بين ما يحدث في غزة.  نفس الهدف  و نفس المبادىء  و نفس العنصرية.  

لكل ما سبق، لا يمكن اعتبار الفيتو الأمريكي لحماية المجرمين الصهاينة شيئا آخر غير المشاركة في الجريمة. أبانت المقاومة الشرعية الحقيقية أن الظلم،   و لو كان مدعوما من أمريكا  ، لا يمكن أن يصمد أمام صلابة  و إصرار المظلوم على البقاء. نعيش في عالم يتغير كل شيء فيه بسرعة  و تتطور فيه التكنولوجيا بسرعة لا يسايرها إلا العلماء. المظلوم أول الباحثين عن العلم  و عن إستعماله للدفاع عن عرضه  و أرضه. غدا قد يتحكم فيه علماء لا يحتاجون إلى الطائرات الأمريكية  و لا إلى القبة الحديدية  و لكن إلى قدرة على السيطرة على الذكاء الإنساني الذي سيظل المقرر في الذكاء الاصطناعي. هذه مجرد قراءة في واقع مظلم تصنعه آلات القتل بإسم خرافات دينية.  و لكن المستقبل  و ربما بعد أيام أو  أشهر ستصبح قوة السلاح في يد المظلوم. كثيرة هي الدول التي تلتزم بالصمت كذكاء إنساني  و كثير هم حمقى الغرب في  هذا الزمن الذين سيصدمون بحجم الدمار الذي سيتسببون فيه  و سيكونون أول ضحاياه.