آخر الأخبار

الانتصار على المنتخب الفرنسي / الافريقي

َمحمد نجيب كومينة

اتمنى ان يخوض الفريق الوطني المغربي مباراة النصف مع فرنسا بكثير من الذكاء والدهاء التاكتيكي والشجاعة و الاقدام، لانها مباراة مختلفة عن باقي المباراة التي خاضها لحد الان في مونديال قطر على اكثر من صعيد واثر تحقيق نتيجة ايجابية فيها سيكون اكبر من اثر كل المباريات الاخرى.
ذلك اننا سنواجه خلال هذه المباراة اسوا نظرة استعلائية و عنجهية (arrogance ) تجاه افريقيا لا مثيل لها في اوروبا كما تعكس ذلك بعض التصريحات، بما فيها تلك التي تتخفى وراء لطف مصطنع احيانا، وهي نظرة لا تقتصر على كرة القدم، بل هي شاملة و تعكس لاوعيا موروثا عن زمن الاستعمار الممتد الى اليوم بالميثاق الاستعماري الذي وضعه الجنيرال دوغول عندما قايض استقلال المستعمرات الفرنسية السابقة باستقلال في اطار التبعية كتحايل على قرار الامم المتحدة المتعلق بانهاء الاستعمار.
الانتصار على الفريق الفرنسي، المكون في اغلبيته من ابناء مهاجرين افارقة مرغوب فيهم فقط لانهم رياضيين من مستوى عال، سيكون ردا على ذلك التعالي وتلك العنجهية وسيكون له اكبر الاثر على المواطنين الافارقة والنخب الافريقية غير المستلبة وايضا على المواطنين العرب والنخب العربية والاسلامية، لانه سيولد شعورا اوليا برد الاعتبار و بالقدرة على الرد على هذا الاستكبار الفرنسي، المتعاظم بعد صعود نجم يمين متطرف عنصري و معادي للاجنبي ومتوجس من نهوض المستعمرات السابقة التي يستمر استغلالها ببشاعة، و سيشجع على ميل انعتاقي يستنهض القدرات الكامنة لدى الشعوب والبلدان الافريقية.
الفوز على الفريق الفرنسي يوم الاربعاء والمرور الى النهاية، بعد الانتصار على بلجيكا واسبانيا والبرتغال، سيكون كذلك اشارة لاوروبا القارية التي غزتها عدوى العنجهية والاستكبار وجعلت ممثل الاتحاد الاوروبي المكلف بالسياسة الخارجية والدفاع جوزيب بوريل يطلق تصريحات خرقاء تافهة تدعو الاوروبيين الى حماية حديقتهم الغناء من الوحوش التي تسكن الغابات المحيطة بها، اشارة تؤكد ان العرب والافارقة قادمين ايضا، وليس الصينيين والهنود فقط، في الكرة وغير الكرة وان لامناص من اعادة توزيع الاوراق على النحو الذي يتناسب ووحدة الجنس البشري والذكاء البشري التي لايلغيها التنوع الثقافي و تعدد الالوان والاجناس والقوميات و يمكن من بناء عالم جديد متوازن و عادل ومتحرر من الاستعلاء والاستكبار والعنجهية والنزعة المركزية الاوروبية والغربية عامة التي تغدي الميول العنصرية الخبيثة و تشكل خطرا ليس فقط على السلم العالمي، بل وايضا على تساكن وتعايش مكونات المجتمعات الاوروبية التي تشير التطورات الجارية، ومن بينها اكتشاف حجم الرايخ الثالث النازي والعنصري في المانيا مؤخرا، انهما مهددان بالانهيار في اي لحظة.
سيكون للفوز على الفريق الفرنسي طعم خاص لدى جمهور واسع جدا وليس لدى الجمهور المغربي، لان الاستكبار الظاهر من تصريحات بعض الفرنسيين يجعل ابعاد المقابلة تتجاوز حدود مباراة عادية يمكن ان يفوز فيها او يخسرها اي من الفريقين دون ان يتجاوز الامر نطاق الرياضة.
اتمنى ان يكون مدافعونا، وكل لاعبينا، في حالة صحية جيدة وفي حالة ذهنية جيدة ولا تؤثر فيهم اي اشاعة، من قبيل تلك التي تفيد ان الشركات الممولة للفيفا تريد نهاية فرنسية ارجنتينية، او توقعات العرافين والذكاء الصناعي، وان يخوضوا المباراة بتركيز و تاكتيك مناسب، مع ايصال اكبر عدد من الكرات الى النصيري في المربع والمستطيل، فهم قادرون على الاستمرار في الابهار والانجاز و اسعاد المغاربة والافارقة والعرب والمسلمين، وعلى فتح صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم وتحرير مئات الملايين من الشعور بالدونية والعجز والفشل. سير…سير…سير