آخر الأخبار

الاشعاع الفكري في المغرب

إدريس بوطور 

( … العلم أنفس علق -بكسر العين – يقتنى ، وأجل ثمر يجتنى ، وأعدل محجة ، وأقوم حجة ، وأحصن جنة -بضم الجيم- ،وأنور بدر في دجنة . من صميمه الأمثال والحكم ، فهي زمام كل معنى ، ومنار كل مرمى ، ومصباح كل ظلماء ، بها يرتاض كل جموح ، ويصبح المبهم ذا وضوح ، ويعود الغائب مشهودا ، والمعدوم موجودا …) *** ****************************** إنها فقرة أدبية رفيعة المستوى من مقدمة كتاب “زهر الأكم في الأمثال والحكم ” لمؤلفه العالم المغربي الجهبذ أبي الحسن اليوسي . وهو من علماء الزاوية الدلائية ذات الإشعاع الفكري الهام في المغرب والذي وصل مداه جنوبا إلى تومبوكتو بمالي . تأسست هذه الزاوية في نهاية القرن السادس عشر الميلادي بالاطلس المتوسط كحركة علمية دينية قبل أن تصبح سياسية ، واستطاعت أن تحافظ على تراث غزير من المخطوطات العلمية والأدبية العربية والإسلامية التي أنتجت في رحابها . كانت قبلة لكل طالبي العلم من ربوع المغرب وخارج تخومه . تخرج منها عدد هام من العلماء النحارير اشهرهم على الإطلاق الحسن اليوسي مؤلف كتاب ” زهر الأكم في الأمثال والحكم ” . أصبح اليوسي عالما ذا كرسي بجامع القرويين بفاس ، وذاع صيته وتفوقه العلمي حتى قيل عنه ( من فاته الحسن البصري فعليه بالحسن اليوسي ) . كان لا يخاف في الله لومة لائم وخاصة في نصح أولي الأمر ومراسلتهم كتابة وتنبيههم إلى ما يقع في دائرة حكمهم من تجاوزات ومظالم ، ومنها رسالته الشهيرة إلى السلطان المولى إسماعيل ** كتاب “زهر الأكم في الأمثال والحكم ” مؤلف شيق ممتع في ثلاثة أجزاء ، تجاوز فيه اليوسي المنهجية التقليدية التي كتب بها الميداني “مجمع الامثال” والعسكري “جمهرة الامثال” ، حيث أضاف اشتقاق كلمات الأمثال والحكم وتاريخها ** لكن اليوسي لم يستطع إكمال فصول الكتاب المبرمجة حيث ادركه الموت وهو في غمرة تأليفه ، وبقي المؤلف مبتورا . ومع ذلك يعتبر دخيرة ثقافية وفكرية عظيمة القيمة والنفع / ********* إشارة معجمية : العلق بكسر العين هو كل شيء ثمين ونفيس ** الأكم هي التلال والمرتفعات وتكتب أيضا ” آكام”