آخر الأخبار

الإساءة و الإحسان في حق من حكم مراكش – 3 –

أخبار الدولة المرابطية
كان العالم ابو عمران الفاسي محط إعجاب وتقلها من طرف جميع سكان فاس وكان له تلامذة وأنباع ومعجون كار ، ولهذه الأسباب ولشعبيته المفاجاءة رأي عامل مهراوه على مدينة فاس آنذاك أن يستغل احسن من الناس بهذا العالم الجليل امله يمنه فمن غضب الرعية المتزايد على افعال هذه الدولة الجائرة ، فأمره أن يصعد ، المدير فيمجا . ما تقوم به الدولة من أعمال وافعال ، وكان أبو عمران يعلم جيا ، أن هذا العامل رجل سفاح طالم لا يتورع عن طاعة المخلوق في معصية الخالق ، ومع ذلك صعد المنبر بمسجد السبت بفاس وخاطب الناس وهم في جمع كثير وكان موضوع الخطبة الأوصاف التي يجب أن يتحلى بها حاكم الدولة الإسلامية من أخلاق حميدة كالصدق في القول والعمل والأمان ومخافة الله عز وجل الذي استخلفه على أمور المسلمين وكان أبو عمران يستدل بآيات بينات من القرآن الكريم وبأحاديث من السنة المطهرة ، وعندما انتهى أبو عمران من الخطبة أيقن العامل أن الرجل يرفض أن يكون تحت السيطرة كعلماء البلاط الذين يفتون بما تشتهي رغبات حكامهم ، فعزم على قتله حتى يكون عبرة لمن يرفض الانصياع إلى أوامر الدولة الحاكمة ولو بغير حق .. ولقد هيأ الله له من يخبره بما بيت العامل له ، فقرر بعض محبيه أن يبعدوه في ليلة ذلك اليوم عن فاس ، كي ينجو من بطش العامل الظالم ، فخرج مسرعة من مسقط رأسه متجها إلى مكان مجهول ، وقد كان في صحبته بعض طلابه فاتجهوا في رحلة شاقة ومضنية دامت عدة أيام إلى أن حطوا الرحال بمدينة القيروان من بلاد تونس ، كان ذلك سنة 424 ه 1032 م فلقي أبو عمران ومن معه من أهل القيروان ترحيبا عظيما ، واستأنسوا به وهو بين ظهرائيهم بل وجدوا فيه ضالتهم ، خاصة وأن الرجل كان يتوفر على علم غزير ويتحلی بفهم ثاقب ورأي سديد ، ومع هذا كله كان الرجل في غاية من التواضع والبساطة ، فأحبه الناس وأكبروه وكان أبو عمران رجلا سنيا على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله فكان الناس يقتدون بآرائه النيرة وفتاويه الصائبة وحصافته السديدة ، وكانوا يحضرون دروسه بتلهف واشتياق ، واشتهر حتى ذهب صيته بعيدا .

الحلقة 4

وحدث أن رجلا من قبيلة كدالة من تخوم الصحراء ، وهو عزيز قومه ووجيه أمته والأمر يتعلق بحیی بن إبراهيم الكدالي الذي تولى أمر صنهاجة بعد وفاة أبيه أبي عبد الله بن تافاوت ، إذ خرج هذا الرجل من كدالة متجها نحو بيت الله الحرام بمكة المكرمة المادية فريضة البوح واثناء رجوعه إلى بلاده وأهله ، غون في طريقه على مدينة القيروان العامري وحط الرحال بها الاستراحة والاستجمام والتخلص من العاب السفر فوجاء بمسجدها | الأعضو حركة علمية هائلة و أنشطة فكرية قيمة فأعجب كثيرا بحلقة ابي عمران التي كانت تحظى بقبول متميز من طرف الطلبة والمهتمين ، فواظب يحيى على الحضور للاستماع إلى هذه الدروس طيلة إقامته بمدينة القيروان ، وتعرف الشيخ علی سید صنهاجة وما تلك هذه القبيلة من أهمية في جميع المجالات وبخاصة البشرية والجغرافية والاقتصادية . نشأت بين الرجلين علاقة ود واحترام ، اطلع من خلالها يحيى عن الأسباب التي أرغمت أبا عمران على مغادرة بلاده وترك أهله وذويه بفاس ، والعيش في بلاد الغربة ، فرق الحاله ووعده بأنه سينظر بجد في رفع الظلم عن مسلمي تلك المناطق وما لحقهم من جور على يد قيلة مغراوة الظالمة وحكامها . وقبل أن يودع يحيى الشيخ أبا عمران طلب منه أن يرسل معه من طلبته من يفقه أهل كدالة في أمور دينهم ويدرس كتاب الله وينفذ سنة نبيه فاستجاب الشيخ لطلبه وأرسل معه كتابة إلى تلميذه الشيخ وجاج بن زلو الموجود ببلاد السوس من أرض المغرب الأقصى . وكان نص الرسالة كالاتي كما جاء عند صاحب الحلال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فإذا وصلك حامل كتابي هذا وهو يحي بن إبراهيم الكدالي فابعث معا ، من طلبتك من تثق بعلمه ودينه وورعه وحسن سياسته ليقرئهم القرآن ويعلمهم شرائع الإسلام ويفقههم في دين الله ولك وله في ذلك الثواب والأجر العظيم والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.