آخر الأخبار

الأمن الكيميائي و التهديدات الناشئة بمراكش

جاءفي كلمة المدير العام للأمن الوطني خلال افتتاح  اللقاء الدولي حول الامن الكيميائي و التهديدات الناشئة بمراكش، لحضور كل من  Greg HINDS، مدير محاربة الإرهاب بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الأنتربول”، الخبراء، ممثلي منظمة الأنتربول، ممثلو وزارة الأمن الداخلي الأمريكي، ممثلو وكالة وزارة الدفاع الأمريكي للحد من التهديد، ممثلو مكتب التحقيقات الفيدرالية، ممثلو سفارة كندا بالمغرب، ممثلو كل القطاعات الوطنية من القيادة العليا للدرك الملكي، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، ووزارة الصناعة والتجارة، والمديرية العامة للوقاية المدنية وأطر المديرية العامة للأمن الوطني، ” يسعدني، أن أفتتح أشغال المناظرة الدولية الثالثة حول “الأمن الكيميائي والتهديدات الناشئة“، التي تستمر أشغالها طيلة الأيام الثلاثة المقبلة. وبهذه المناسبة، أتقدم بالشكر الجزيل لمنظمة الأنتربول وشركائها على هذه المبادرة التي تجمع عددا كبيرا من المختصين في هذا المجال، من المصالح المكلفة بتطبيق القانون، وممثلي الحكومات، والمنظمات الدولية والجهوية، والجامعيين وممثلي القطاعات المعنية، من حوالي 75 دولة ومنظمة، بهدف خلق فضاء للنقاش وإيجاد الحلول والرفع من قدرات كل الجهات المعنية بالوقاية من مخاطر الحصول والاستعمال غير اللائق للمواد الكيميائية، خصوصا الاستعمال العدواني في أعمال إجرامية خصوصا الإرهابية منها.

 هذه المناظرة الدولية تنظم في وقت يعرف تغييرات متعددة، ويتميز بتحديات وبتهديدات محدقة بأمن وسلامة بلداننا، وعلى رأسها التهديد الإرهابي، الّذي خلف عدة ضحايا في الأرواح وخسائر جمة في الممتلكات في مختلف البلدان، والذي يستفيد من وسائل التكنولوجيا  الحديثة، ويسعى باستمرار للحصول على أسلحة الدمار الشامل.

إن هذا التهديد يبقى قائما وبشدة، كون المواد النووية، والإشعاعية، والبيولوجية والكيميائية في متناول المجموعات الإرهابية، التي تسعى لفرض نفسها وتنفيذ مشاريعها الإجرامية، سواء على المستوى السيكولوجي، والاجتماعي، والاقتصادي، كما تهدد أمن الوطن والمواطنين، وتزعزع استقرارهم ولو في غياب تنفيذ أعمالها التخريبية.

فكما تعلمون، عاشت مجموعة من الدول في السنوات الماضية عدة أحداث إرهابية باستعمال المواد الكيميائية، والبيولوجية وغيرها، خلفت عددا كبيرا من الضحايا، حيث أذكر في هذا الصدد، بالأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب، خلال سنوات 2003, و2007 و2011، والتي خلفت قتلى وجرحى، وخسائر كبيرة في الممتلكات، وكان لها الأثر السيئ على المستوى النفسي، والاجتماعي والاقتصادي.

فمند الأحداث الإرهابية الأولى التي شهدتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003، اعتمد المغرب مقاربة شاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف، تشمل الجانب التشريعي، الذي عرف تعزيزا للقوانين المجرمة لهذه الأفعال وتشديد العقوبات المترتبة عن اقترافها، والجانب الاجتماعي الخاص بمحاربة الهشاشة الاجتماعية ومساعدة الفئات الهشة لإنجاز مشاريع مدرة للدخل حتى لا تسقط في الإرهاب، والجانب الديني حيث عملت الحكومة على إعادة هيكلة الحقل الديني بشكل يتماشى مع التعاليم السمحاء للشريعة الإسلامية، وكذلك الجانب الأمني بتعزيز الإمكانيات المتوفرة لدى المصالح الأمنية بمختلف مكوناتها.

وفي الجانب الأمني، إعتمد المغرب مقاربة استيباقية لمحاربة الإرهاب والتطرف، مكنت من تفكيك 214 خلية إرهابية بين سنة 2002 و2021، قدم على إثرها 4304 شخص أمام العدالة، 88 من هذه الخلايا كان لها ارتباط بتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية “داعش”، وتم تفكيكها ابتداء من سنة 2013، كما تم إجهاض أزيد من 500 مشروع إرهابي.

وفي هذا السياق، تمكنت المصالح الأمنية المغربية سنة 2016، من إيقاف عشرة أعضاء خلية تابعة  لداعش، استفادوا من تدريبات خارج أرض الوطن، والذين كانوا يستعدون للقيام بأعمال إرهابية باستعمال عبواة متفجرة من صنع تقليدي، تتضمن مواد بيولوجية، على شكل (توكسين تيتانوس- Toxine de tétanos).

إن التزام المغرب في مجال محاربة الإرهاب، ترجم بتوقيع المملكة ومصادقتها على مجموعة من الاتفاقيات الدولية الملزمة وغير الملزمة، مع وضع إطار قانوني وتشريعي متطور يتماشى مع التحديات التي تفرضها الظاهرة الإرهابية، وذلك لمحاصرتها والحد من مخاطرها، من بينها:

القانون 03-03 الخاص بمحاربة الإرهاب؛

القانون 14-86، المعدل والمكمل لمقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية الخاصة بالقانون 03-03، المتعلق بتجريم ظاهرة الالتحاق ببؤر التوتر؛

القانون 12-02، الخاص بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار الإشعاعية؛

القانون 05-43، الخاص بتجريم تبييض الأموال وتجريم الإرهاب،

القانون 30-05، الخاص بالنقل البري للبضائع الخطيرة؛

القانون 36-09، الخاص بحضر تطوير، وتصنيع، وتخزين، واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدميرها؛

القانون 142-12، الخاص بالأمن والسلامة النووية، والإشعاعية، وبإنشاء الوكالة المغربية للأمن والسلامة النووية والإشعاعية،

القانون 48-12، الخاص بمراقبة تصدير واستيراد السلع ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري، والخدمات المرتبطة بها. 

من هذا المنطلق، تعمل المملكة المغربية، بشراكة مع الخبراء الدوليين، للرفع من قدراتها للوقاية والحد من المخاطر النووية، والإشعاعية، والبيولوجية، والكيميائية، خصوصا تلك ذات الصلة بالأفعال الإجرامية، مما جعل الاستراتيجة الوطنية، في مجال محاربة الإرهاب، تتماشى مع التطورات الناجمة والمنبثقة من مخاطر هذه المواد.

ومما لا شك فيه، فهذه المناظرة الدولية فرصة وفضاء لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى بين خبراء دوليين، من المصالح المكلفة بتطبيق القانون، وممثلي الحكومات، والمنظمات الدولية والجهوية، والجامعيين وقطاع الصناعة الكيميائية، وممثلي القطاعات الأخرى المعنية، من أجل تحسين أمن وسلامة المواد الكيميائية على طول دورة حياتها منذ إنتاجها، مرورا باستعمالها إلى حين التخلص منها، خصوصا من ناحية تفادي الاستعمال السيئ والمسيء للإنسان وللبيئة أو استعمالها في المجال الإجرامي وخصوصا الإرهاب، الذي يهدد الأمن والسلامة الدولية.

كما سيتم التطرق خلال هذه المناظرة لمختلف المواضيع المرتبطة بالتطور الذي تعرفه هذه المخاطر، والتقنيات والطرق المستعلمة من طرف الجهات الفاعلة غير الحكومية، للحصول على هذه المواد، بالإضافة للأحداث المسجلة في الآونة الأخيرة المرتبطة بالإرهاب الكيميائي وبالتقنيات المعتمدة للكشف على أي عمل مشبوه والوقاية منه والاستجابة لحاجيات صده بالشكل المناسب.

فمرة أخرى، أرحب بكم جميعا في المملكة المغربية وأتمنى لكم مقاما طيبا بمدينة مراكش. كما أتمنى النجاح والتوفيق لأشغال هذه المناظرة، وأن تتوج أشغالها بنتائج مثمرة لكل المشاركين وللجهات التي يمثلونها. كما أجدد الشكر للجهة المنظمة ولشركائها على المجهودات المبذولة حتى تحقق هذه المناظرة الأهداف المنشودة منها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.