آخر الأخبار

أدوية تغيب  و أخرى يتم تغييبها  و الأسعار ملتهبة 

إدريس الأندلسي

سؤال للحكومة في مجال توفر الأدوية. كل من يتردد على الصيدليات يكتشف  أن موضوع توفر بعض الأدوية أصبح يشكل هما كبيرا لكثير من الفئات الإجتماعية.  في صباح هذا اليوم البارد تقدمت أم لتسال  عن دواء لرضيع لا يتعدى سعره  7 دراهم.  أجابت الموظفة بالصيدلية بكثير من التفهم الممتزج بالسخط بأن هذا الدواء يمر بفترة إنقطاع في التزويد.  تأسفت المستخدمة الصيدلانية  و عبرت عن استنكارها لهذا الوضع  و طلبت من الأم أن ترجع غدا.   سألت عن الأدوية الأخرى التي تعرف نفس الوضعية من الغياب أو النذرة فقيل لي أن اللائحة تكبر.  دواء مرضى الغدة الدرقية سوف يعانون خلال الأسابيع المقبلة حيث أصبحت الكميات المسلمة للصيدليات  تراجعا خطيرا.

و إذا طرح سؤال مشاكل تزويد السوق الوطنية بالأدوية يتم اللجوء إلى خطابات الاستنكار  و اتهام كل من طرح السؤال بالبغضاء  و المنكر و التشكيك رغم أن العمل التشريعي يمضي في إتجاه خلق وكالة وطنية للأدوية.  المشكلة في ضعف الحكومات المتعاقبة  و هذه الحكومة على فتح ملف الأدوية و المستلزمات الطبية بكل عزم  و شجاعة ضد اللوبيات.  نعرف أن شركات إنتاج الأدوية في المغرب تحاول أن تتعامل مع هذا الموضوع بكثير من التخويف  و استغلال الوضع الإجتماعي لكي تظل أسعار الدواء في المغرب أغلى من أسعار كافة الدول الأوروبية  و العربية.  كلما طرح موضوع السعر تلوح شركات مستقرة ببلادنا بأنها تشغل حوالي   12ألف عامل و أن الأمر يتعلق بحوالي 50 ألف أي مجموع أفراد عائلاتهم .  و كل هذا يعني أن هذه الشركات تريد أن تظل في منطقة الريع رغم  فرق الأسعار  و رغم تقارير أكدت على وجود خلل كبير في هذا المجال. 

 المتضرر الثاني بعد الأسرة هو الصيدلي  و الذي يجب أن يستفيد من كل التحفيزات الضريبية. لقد أصبح بائع الدواء  و لو استقر في الأرياف  و البوادي من أكثر الفئات الإجتماعية هشاشة. جربت فتح النقاش العمومي المهني عبر برامج اذاعية  و ملفات صحفية  و عرفت أن قوة لوبي الأدوية ليست بالهينة   لأن الأمر تتشابك فيه المصالح بين عدة متدخلين . و قد أصبح  الصيدلي من المفلسين و غير القادرين على مواجهة أصحاب الملايير.  و لأنني أعرف الكثير من مستهلكي الأدوية،  وقفت على هذا الظلم الذي يتعرض له المواطن المغربي في مجال الأسعار. و لكل معترض على ما نشهده من ظلم كمغاربة الاحتكام إلى مقارنة الأسعار المغربية مع العديد من الأسعار في الكثير من الدول ذات الدخل الكبير. 

هل وصلنا إلى مرحلة من التدبير العمومي  و طبعا الحكومي المستلم إلى عدم التحكم في الأسعار.  نعم  وصلنا إلى غياب أية آليات لتخفيف عبئ الأسعار على المواطن.  يظهر في بعض الأوقات تنازل شركات عن جزء ضئيل من هوامشها الربحية الوقحة لتوافق على أسعار جديدة و لكن الواقع يبين أن المغربي يدفع أكثر  من  الأوروبي  لاقتناء  الدواء. المشكل فينا، نحن المغاربة الذين نقبل الظلم في مجال حيوي. الدواء في صيدلياتنا يقدم إلينا بسعر كبير  و لا  وجود لأي سلطة تتدخل لإحقاق الحق. مشكل كبير نعيشه  و نكتوي من آثاره على قدرتنا الشرائية.  كثير من أبناء بلادي يطلبون من ذويهم إرسال بعض الأدوية الغالية من الخارج و لكن للرقابة  قواعد لا تحمي الحق في الولوج إلى العلاجات. ولكن بعض التقنوقراط الخاضعين لضغط اللوبي في كثير من الدول تحاول منع حمل الدواء من طرف المسافرين لفائدة ذويهم.  و أقول لهم حرام أن تكونوا ممن يصنعون القرارات.  غدا تتعرضون لأبشع أنواع الهشاشة أمام السعر الغالي للدواء في المغرب.  لن نقبل تنهدكم و بكاءكم  و التعبير عن حسرتكم لأنكم لم نفعلها شيئا لإقرار سياسة دوائية تراعي مصلحة المواطنين. لا أريد إعطاء الأرقام لأن شرح الواضحات من المفضحات.  الصيادلة يعرفون هذا الواقع  و يناضلون ضده لأنهم أول ضحاياه. المغاربة محرومون من  الحق الذي تعطيه كثير من الدول للصيدلي  و على رأسها  الولايات المتحدة الأمريكية  لتغيير وصفة الطبيب لاستبدال الأدوية الأصلية  بالأدوية الجنيسة.  و على المشرع أن يضمن هذا الحق للمواطنين.