آخر الأخبار

اللغة العربية و تحديات العصر للدكتور محمد رشيد السيدي

قال الدكتور محمد رشيد السيدي  مائي رئيس النادي الأدبي بمراكش، إن إن الاحتفاء باللغة العربية و الاهتمام بها اعتزازا بمكانتها. و بدورها الثقافي و الحضاري للرفع من قيمتها و فاعليتها من أجل إشاعة استعمالها و تداولها في كل الواجهات و الحرص على تدبر شأنها خصوصا في المجالين التعليمي و الرقمي للرهان على التنمية اللغوية . و على مجتمع المعرفة .

وأوضح الدكتور السيدي في ندوة سابقة للنادي الأدبي ن لغتنا العربية لها مكانة راسخة و متميزة عبر التطور الثقافي و الحضاري لتاريخ الإنسانية باعتبارها لغة سامية إلى جانب لغات سامية أخرى و تعد هي رأس هذه اللغات. و بفضلها قامت حضارات أبهرت الكون و انسحبت لغتها على مختلف الميادين العلمية و التجارية و الصناعية ناهيك عن مكامن من إعجازها في مجالها الأصلي الشعر و النثر و الخطابة ……….الخ. 

لقد شكلت اللغة العربية  – يضيف محمد رشيد – في مراحل ما لغة العلم حيث إن العلماء الأجانب كانوا يتهافتون على تعلمها و معرفتها لمواكبة  التطور الحضاري و مواصلة الركب العلمي.

و اليوم نرى تراجعا كبيرا للغتنا العربية أعادها إلى الوراء و ضيق أنفاسها، و أطفأ شعلتها الوقادة  و على الرغم مما أصابها من ضعف و وهن و انحباس ، فإن  هذا الحالة تمر وسط نوع من لا مبالاة عامة، إلا من بعض ذوي الاختصاصات و الاهتمامات مثل الحاضرين معنا في  ندوة النادي الأدبي بمراكش .

إن هذا يكشف بجلاء عن وقوع اللغة العربية في أزمة حقيقية أمام تحديات كبرى تحاصرها و تعمل جاهدة على مضايقتها  بل إن  اقتضى الأمر اجتثاتها و طمسها أمام أهلها و ذويها فقد أصبحنا أما أزمة حضارية إنها درجة من درجات الاستسلام الحضاري للغة علما بأن  كل هذه المحاولات  لن تنال من لغتنا العربية  قيد أنملة لأنها لغة الوحي و لغة القرآن الكريم ،لقوله تعالى ” إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون”. 

من عوائق اللغة العربية:

يمكن لنا ذكر بعض العوائق التي تعترض سبيل اللغة العربية ، و تكبح جماح تقدمها و تطورها :

– تعذر النظام التعليمي التقليدي و الرسمي ، و تعايش لغات و لهجات محلية مع اللغة العربية اللغة الرسمية وبروز الأمازيغية  و الدرجة المغربية في فضاء   الشأن العام حيث كانت اللغة العربية هي الناطق الرسمي  في مواجهة كل من يهدد بتقسيم الأمة الفرنكفونية – الظهير البربري الازدواجية ، اقتسام المجال الثقافي بين لغتين لغة نافعة و لغة غير نافعة صحيح أن اللغة العربية كانت في  توافق تام مع كل هذه اللهجات، و تتعايش معها . إلى درجة نجد أن أجناسا أدبية عملت على دمج بين كل المكونات اللغوية الفصيحة و العامة مثل شعر الملحون المغربي التي ارتقى بلغة العوام إلى مستوى عال بدمج الفصيح من اللغة و العامي لكن كانت القناعة الراسخة عند  الجميع: أن اللغة العربية هي الفيصل بين اللغات و اللهجات لذا فالإمساك بحلقة اللغة الفصحى  هو تشبث بالهوية.

 و من عوائق اللغة العربية كذلك مشكل :

–  هيمنة الشبكة العنكبوتية كمصدر لتلقي المعرفة ، و عدم التعامل مع الكتاب بحب القراءة، و ارتياد المكتبات.

– آلية تلقي الدرس العربي 

– صعوبة تدريس مادة قواعد اللغة العربية 

عدم فتح المجال للمتلقي لتطبيق مهاراته 

كما  أن عدم التخطيط الاستراتيجي  لتحديد لغة التخاطب فيما بين المتمدرسين و تغبير المناهج الدراسية ، و ديداكتيك التدريس ، و العشوائية البرنامجية ، عصف بذهنية التلميذ مما جعله لا يقدر على الإفصاح و التخاطب بلغة سليمة ،خارج الدروس الصفية . و عدم تحقيق  الكفايات التواصلية و الإستراتيجية لمتعلمينا. 

كما أن التقدم العلمي و التكنولوجي جعل اللغة العربية تتعثر اذا لم نقل تتعذر.لغياب مراجع علمية كافية وموحدة ، فالتقدم العلمي و التقني في الغرب ، لا تعكسه لنا كتب التراجم و التعريب .

ان حركة الترجمة لا تشرب من معين واحد ،فالمترجمون في الشرق يعكفون على ترجمة انتاجات المعرفية  العلمية من اللغة الانجلوسكسونية و المترجمون في الغرب العربي يترجمون كتب اللغة اللاتينية مما يعكس لنا صورة مشوهة و غير بليغة ، كما أن المصطلحات العلمية غير موحدة مما يؤدي الى انحباس الدراسات العلمية للغة العربية- و يجعل الباحثين يرتمون في أحضان التغريب وهذا يسئ كثيرا إلى تطور لغتنا العربية علميا و تقنيا. فدولة سوريا هي الوحيدة التي استطاعت تحقيق الدراسة باللغة العربية في جميع المعاهد العلمية العليا وفي جميع الشعب مثل الزراعة و  الطب. 

 و الهندسة و المعمار و المقاولة ، لكن أطرها العليا يعانون من الحصار المضروب عليهم بسبب هيمنة العولمة باللغة المركزية.فهل يمكن المتح من هذه التجربة ؟ .

من أجل نهج سياسة لغوية واضحة. 

إن الدرس العربي في حاجة إلى إعادة تقويمه و ضبط قواعده ، لمسايرة  الركب الحضاري ، بتخليصه من الشوائب ، لتوطين المعرفة باللغة العربية، مما يتطلب منا و من الباحثين و المدرسين تعزيز الوحدة الثقافية العربية و توحيد المنهج و الكتب و الدراسة و المصطلحات إذ تمكين  المتعلم  بالنطق الفصيح بلغة واضحة و سليمة يلزمنا توفير الشروط المادية لتدريس اللغة العربية داخل مختبرات لضبط مخارج الحروف ،و صقل المهارات الصوتية فضلا عن تلقي الدراسة الصوتية اعتمادا على حصص تجويد القرآن الكريم مما جعل العرب أرباب فصاحة و بلاغة و نحن الآن في حاجة إلى المزيد من توظيف التقنيات و الوسائل للوقوف على ما اللغة العربية من عجيب البدائع و الصنائع. 

 لذلك فالخطيب أو الإعلامي عليه بالانصياع لضرورتين: ضرورة  البيان و ضرورة الإتقان ،و لتحقيق هذا الهدف ينبغي جعل اللغة العربية لغة مركزية مع فتح جسور التواصل بينها و بين المكونات اللغوية الأخرى على أساس التعايش ،و إن المدخل الأساس لتحقيق هذه الغاية هو التخطيط اللغوي بنهج سياسة لغوية واضحة و يكون المنطلق هو المدرسة العمومية و نتمنى ممن يسهرون على تدبير الشأن التربوي حاليا أن يعملوا بما نص عليه كتاب النقد الذاتي في شموليته و مقاصده، لصيانة اللغة العربية و حمايتها مما يحذق بها، كما نتمنى ممن يمسكون بزمام الشأن العام تجريم و تغريم كل من ينتهك حرمة اللغة العربية انسجاما مع مرجعيتهم الإسلامية، و قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف” :أنا عربي و القرآن عربي و لسان أهل الجنة عربي .