آخر الأخبار

ترجمة حكايات الزوكولوكوبامبا لمحمد بوعابد ـ 6 ـ

عبد الصادق شحيمة

وبالرجوع إلى ترجمة محمد بوعابد للحكايات يلحظ القارئ الذي لم يطلع على النص الأصلي أن ما ترجم كأنه قد كتب أصلا باللغة العربية، فلا أثر للنقل، ولا إحساس بالانتقال من لغة إلى أخرى أو من نسق تركيبي إلى آخر، تشف لغة الترجمة عن إلمام واسع باللغتين وإحاطة تامة بمقومات النوع الأدبي واطلاع على مرجعيات نظرية وجمالية وفلسفية ،تركت المترجم يصغي إلى نبض النص وينتصر لبلاغة ألفاظه وإبلاغ محتوياته ،إنها الترجمة العاشقة التي غالبا ما تحتفي وتحتفل بنص وتتعايش معه وتتأثر به ترميما ورتقا ورقأ ،إنه بعبارة موجزة ما عبر عنه المترجم العراقي كاظم جهاد في كتابه حصة الغريب بشعرية الترجمة المقابلة لشعرية الشعر ،أو ما يمكن أن نصطلح عليه بتعبير الشاعر الفرنسي فولتير بالخيانة الجميلة أو شعرية الخيانة .

على سبيل الختم:

في ثمانينيات القرن المنصرم تحديدا سنة 1986، ترجم الأستاذ إبراهيم الخطيب كتاب الناقد الروسي فلادميربروب- مورفولوجية الخرافة – عن ترجمة فرنسية قام كل من ماركاريت دريدا وتزيفتان تودوروف، وكان هو الكتاب الثالث بعد ترجمته نظرية الشكلانيين الروس، والنقد والحقيقة.

في مدخل الكتاب يبرر الكاتب ترجمته لكلمة Conte بقوله “إنه من النافل التذكير بأن الترجمة وجهة نظر . بعبارة أخرى :إنها أقرب درجات القراءة إلى حرفية النص .ولكنها في كل الأحوال ،قراءة .والمترجم ،من الناحية النظرية ،يتحمل نفس مسؤولية الناقد .ونتيجة لذلك اعتبرت بأن من حقي أن أختار للمصطلح الأساسي المقابل الذي أراه مناسبا .بيد أني لم أكن مطلق الحرية في ذلك ،فمن جهة ،هناك نية الناشر السوفياتي الذي كان يرمي إلى إعطاء عنوان الكتاب سمة نظرية عامة وغير نوعية ،ومن جهة  أخرى ،هناك رغبة بروب نفسه
في وضع مصطلح خاص بالحكايات العجيبة يضع في اعتباره طبيعة بنيتها المتميزة . وفي هذا السياق ،استبعدت كلمة “حكاية ” نظرا لأنها تتجاوز الدلالة النوعية للمتن الذي يحلله بروب ،ووضعت على نفسي سؤالا حول صلاحية كلمة خرافة باعتبارها تسمية شائعة لنوع من القصص الشعبي قريب الشبه من المتن المذكور( 4 )

وبعد أن أورد  دلالة الكلمة في لسان العرب ووجد بأنها الحديث المستملح من الكذب ،ومنها قولهم “حديث خرافة “،عرج في مقدمة الكتاب على أكثر تقسيمات الخرافة شيوعا ،وهي التي تقسمها إلى :خرافات عجيبة merveilleux وخرافات العادات ،وخرافة عن الحيوان، متسائلا  “ألا تتضمن الخرافات عن الحيوان عنصرا عجيبا ، وربما عناصر عجيبة بالغة الوفرة ؟  ،وإذا عكسنا الأمر :ألا تقوم الحيوانات بدور كبير الأهمية في الخرافات العجيبة ؟ (5) ،ولإزالة أي شكل من أشكال الغموض تمت الإشارة إلى تقسيم وونت wundt في كتابه عن “سيكولوجية الشعوب “،وتقسيم فولكوف  R.M. Volkov المرتبط بأبنية الخرافة الحكائية .

بالرجوع إلى الترجمة بين أيدينا والمتضمنة للحكايات العشر نعثر على أن ستة منها تندرج ضمن ما سمي بخرافة الحيوانات وهي القصة الأولى “الزوكولوبامبا “،والثالثة “علة صداقة البشر للكلاب “، والسادسة” أبو قرين في حضرة الخالق “،والسابعة “النسر والفروج “،والثامنة “الضبع والأشبال “،والعاشرة “حقل الأرنب البري “،في حين أن الأربعة المتبقية :  يمكن أن تدرج ضمن الخرافات الأسطورية أو خرافات عن الأصل “أسطورة السماء  ”  ( التجار )” خيط الشرور ” أو ضمن الخرافات العجيبة ” الطفل ذو القدرة العجيبة ” .

وبناء عليه نسائل المترجم عن عدوله عن كلمة خرافة إلى حكاية، كما نسائله عن عنوان الكتاب الفرعي “حكايات إفريقية ” مشيرين إلى أن الطابع العام للحكايات بعيدا عن فضائها المكاني كوني أكثر منه قاري.