آخر الأخبار

يا وصال لقد أصابتنا إهانة العقال – 2 –

دخلت مقصورة القطار تجر وراءها حقيبة كبيرة وردية انيقة بعجلات حاولت وضعها في الأعلى دون جدوى فبادر أحد المسافرين بحملها بسرعة في المكان المحدد. جلست تقلب صفحات هاتفها النقال آخر صيحة في عالم التكنولوجيا. عطرها أسكر المقصورة بكاملها وهي ترتدي ألبسة بنفس شبابي خليط من الألوان غير المتناسقة تحمل أسماء كأنها كلمات متقاطعة وسريل من نوع جينز أزرق ممزق في عدة مواقع. وحذاء به صدفات بحرية تعكس ضوء الشمس المتسلل من النافذة وضعت رجلا على رجل في جلسة تعبر عن استرخاء مؤقت. أخذت مرآتها الصغيرة من أجل ضبط ملامحها التي عكر صفوها إزدحام بشري جراء سوء تنظيم معهود لقطارات العذاب في هذا الوطن.
يسترق النظر البعض وهناك من غالبه النوم فأسلم جسده هروبا من التعب. والبعض يقلب صفحات جريدة مليئة بصور وأحداث ورجل في عقده السادس بمعية زوجته منشغلين بحديث عائلي يحاولان التظاهر أنهما غير معنيين وهذه الأخيرة تجحظ عينيها وفي أحايين أخرى تنظر شزرا. تتلقى بين الفينة والأخرى مكالمات حيث لم يتوقف هاتفها عن رنة عجيبة تحمل إيقاعا صاخبا وكلاما غير مفهوم تجيب بلغات مختلفة عربية إنجليزية و خليجية في أحايين كثيرة وهلم جرا وكأنها مراسلة دولية. أوقفت العربة الصغيرة لاقتناء مواد مختلفة ماء بارد وعلبة سندويش وقنينة مشروب غازي لم تلتفت للمبلغ الذي إستفز الحضور حيث بدأ مبالغا فيه بل زادت بعض الدريهمات تركتها له وهو يبادلها بابتسامة ماكرة.
أغلب حواراتها مواعيد واعتذارات وطلبات وعمولات بين دولار أمريكي وريال سعودي .
لكن ما أثار الإنتباه حوار قصير يبدو مع أمها بعدما طمأنتها بكلمات من قبيل :
“تهناي مامي” فأنا بخير وسأصل في الوقت.
بادرت بسؤال يبدو أنها تسأل عن أحول العائلة فطمأنتها على الجميع.
أجابتها بكلمة لم تلق ترحيبا من الحضور:” إوا مامي تلاحي”.(يتبع)
ذ ادريس المغلشي