آخر الأخبار

هل إعلان الحجر الصحي للوزير اعمارة في بيته مجرد وصلة تحسيسية وتطمين اعلامي أمام عجز الحكومة

لم يكن ليفاجئ المغاربة إصابة وزير في حكومة بلادهم بفيروس كرونا المستجد covid-19 وهو إنسان كباقي بني آدم معرض لمثل ما يتعرض إليه الناس مما انتشر في العالم من جائحة هذا الوباء.

غير أنه يبقى غير مفهوم لدى مواطنيه بقاؤه في الحجر الصحي ببيته دون بقية المصابين الذين تأكدت حالة الإصابة لديهم وجرى نقلهم الى غرف المستشفيات المخصصة للحجر الصحي.

وليس مطمئنا حد التعجب والاستغراب في ظل الوضع العالمي القائم، الارتياح للاحتياطات المتخذة الذي تعبر عنهالحكومة والذي ليس على الأرض في الواقع ما يبرره سوى عزل البلاد عن العالم وإصدار توصيات بتطهير اليدين وتجنب الاختلاط وبعض كلام غير قابل ان يكون ممارسة واقعية.

فالوزير الموبوء لم يُعْدِ زملاءه ولم يُعْدِ الذين استقبلوه واجتمعوا به وسلموا عليه وحياهم والتقوا به والتقاهم وهو بعدئذ لا خوف عليه ولا على أعضاء الحكومة الذين أكد الجهاز الذي ينتمون اليه أنهم خالون من الفيروس وأن الوزير سيباشر مهامه من بيته يوقع ويمهر ويختم الوثائق ويتبادلها ولا تأثير بكل ذلك في نقل العدوى فيما يقبع مصابون آخرون بالفيروس من المواطنين او من الأجانب في غرف معزولة مزودة بالطاقة السلبية ويتلقون علاجهم وقد تم التوصية بعدم اختلاطهم بمن عداهم.

لم يعد الوباء الذي اكتسحت أخباره منصات التواصل الاجتماعي واحتلت مساحات واسعة من وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة واستأثرت باهتمام السياسيين والقادة في تواصلهم مع شعوبهم ومواطنيهم يقتحم خيال المغاربة بقدر ما يداهمهم تخبط حكومتهم في ما لا يضعون بحسبانهم التداعيات المحسومة عالميا من الاجتياح الكوني لفيروس كورونا المستجد إن على الصعيد الاقتصادي وان على المستوى الصحي.

ففيما تتحدث تقارير عن تخصيص حكومات دول العالم لميزانيات ضخمة في مواجهة الحالة الوبائية لتفشي فيروس كورونا ووضع برامج الانفاق في اطار مخططات مدروسة للتحسيس والتتبع والاستشفاء والمواكبة والتحسب لتطورات الوضع وتداعياته، تكتفي الحكومة المغربية ببث الشك بتصرفاتها لدى المغاربة في قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها اذا ما فضح الوباء سياسة النعامة وسفَّه الفيروس لغة التطمين بديماغوجية مقيتة على لسان الدكتور العثماني في خرجته غير المقنعة.

إن الشك دب الى المواطنين ان يكون التصريح بإصابة وزير مغربي بكورونا مجرد تطمين إعلامي ووصلة تحسيسية لتبديد هواجس الخوف في الأوساط العامة المهزوزة بفقدان الثقة في مسؤولين لم يثبت نجاحهم في كل برامج ومشاريع تجسير الثقة بين المواطنين المغاربة ومسؤوليهم السياسيين، حيث يتعزز التأكيد أن الفيروس وافد اعتبارا لكون المسؤول الحكومي الموبوء عاد توا من زيارة لهنغاريا وان الاحتياطات المتخذة مكنت من تجنيب الوزراء العدوى وهم حضور في مجلس الحكومة الى جانب زميلهم المصاب الذي تم في حقه الحجر الصحي ببيته وليس في المستشفى إضافة الى التطمين الذي نشره الوزير اعمارة في تغريدة له أكد من خلالها التزامه بالحجر على نفسه هو وزوجته وابنه دون الاشارة الى خدمه وسائقه وباقي من معه في البيت.

وحده المغرب تصل لديه الثقة في مواجهة فيروس كورونا دون مركب خوف من تداعيات استفحاله الصحية والاقتصادية حد المبالغة أمام دول متقدمة تتوفر على إمكانيات هائلة ورصيد من الخبرة والتجربة في حال الطوارئ الوبائية والكوارث الطبيعية كإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وغيرها وكلها بلدان عبأت من مواردها المالية وبنياتها الاستشفائية وقواتها التطوعية المدنية ما تتحسب به لآفاق تأثير هذه الجائحة الكونية في الأفق المنظور.

ووحده المغرب بحكومة “رشيدة” يجعل وراءه ظهريا تصريح المستشارة ميركل أن 70% من الألمان معرضون لاحتمال الإصابة وصرخة الوزير الاول جونسون أن البريطانيين أمام تحدي تربص الموت وفراق أقربائهم وإعلان الرئيس ترامب حالة الطوارئ في بلاده ودعوة الرئيس ماكرون الاتحاد الأوربي لاتخاذ تدابير اقتصادية لمواجهة تفشي وباء كورونا وفرض سانشيز رئيس وزراء إسبانيا حالة الطوارئ وعزل بلاده…

ترى ما الذي يجعل المغرب استثناء من بين دول العالم التي اجتاحها وباء كورونا غير حكومة مفرطة في التفاؤل تستغني به في إشاعة جو الارتياح داخل طقس لا يشجع على تقبله وسط الزخم الكبير للأخبار غير المطمئنة في الشرق والغرب والشمال والجنوب عن أزمة عالمية اقتصادية كبرى سيكون لها ما بعدها في اعادة تشكيل خريطة الدول وإعادة صياغة منظومة جديدة للقيم ضمن مفهوم العولمة.

فهل يعي الدكتور العثماني أن مسؤوليته في مخاطبة الشعب المغربي لا تتأتى له بصفته طبيبا وإنما لموقعه على رأس السلطة السياسية والإدارية بعد رئيس الدولة يقود الائتلاف الحكومي بافتراض الانسجام والتضامن الذي افتقده وهو يتحدث عن إغلاق المؤسسات التعليمية بلا أفق لضبط الأجندة على مواعيد الامتحانات المقررة مطلع شهر يونيه المقبل ويعلق برنامجه على انحسار مد الوباء نهاية شهر أبريل؛

والعثماني يتحدث عن 250 سريرا مبالغا في تفاؤله أن حالات الوباء والاصابة لن تتجاوز هذا العدد مراهنا على الحجر الصحي في الرحال مع ما تتيحه ظروف السكن العائلي في المجتمع المغربي من تقليص حدود الاحتراز ورفع نسب العدوى فيما تؤكد مصادر في المستشفيات الجهوية والجامعية أن إدارة هذه المؤسسات عطلت المواعيد السابقة للاستشفاء وأخلت غرف الانعاش من نزلائها وتستعد للطوارئ التي جهل بها السيد رئيس الحكومة او انه يعلم بها وصمت.

والعثماني حين ألقى بمسؤولية الاحجام عن اقامة صلوات الجماعة في المساجدالمغربية على وزير القطاع فقد سكت دهرا ثم نطق كفرا فلو أسند هذا الأمر لأمير المؤمنين ما كان ملوما بل كان يكون جديرا وأما أن يتحلحل عن منصبه الحكومي ببدلته السوداء وربطة عنقه الأنيقة نحو مقعده في العيادة طبيبا كلما واجهه مصير في قطاع حكومي ليس بيده له حلا فإن ذلك لهو التملص والهروب الى الأمام والاستخفاف بمسؤولية رئيس الحكومة الذي خوله الدستور صلاحيات واسعة وبالتالي المخاطرة بمصير أمة وبلد ونظام.

فكما طمأن مولاي حفيظ العلمي رجال الأعمال والمستثمرين الصناعيين في اتحاد المقاولات المغربية وارتاح سعيد أمزازي بإغلاق المدارس والمعاهد والجامعات واجتهد أيت الطالب في إصدار البيان تلو البيان توفق التوفيق في تدبيج خطبة كررها الأئمة في وقفة الجمعة بتهج أفقد الحماسة الضرورية للخطبة لتبليغ المقاصد؛ كان أخنوش قلل من تداعيات الجفاف وندرة الماء على المغرب وعلى مخطط الجيل الأخضر وبشر عبد اللطيف الجواهري باستقرار قيمة الدرهم في سلة العملات وتقلبات الصرف وهبوط سعر الأسهم في أسواق المال وذاك كان ديدن رئيس الحكومة بلا ضمانات وهو يتحدث عن وفرة مواد الاستهلاك التموينية والغذائية فضلا عن مغازلة البنك الدولي للاقتصاد الوطني.

الارتياح والطمأنينة والارتكان الى القدر وما تقود إليه الصدف هي رصيد رئيس الحكومة وبرنامج ائتلافه في مواجهة التحديات الراهنة التي كشف الرهان أمامها مدى العجز عن ابتكار الحلول للقضايا التي ماتفتأ تتعمق وتعيق التنمية في المغرب.

فماذا يجعل المغرب استثناءا في العديد من الهزات والارتدادات والأزمات التي هزت العالم وكادت تعصف باستقراره وتوازنه… ؟ وماذا يبعث على الارتياح لدى مسؤولي هذا البلد ولاشيء في الأفق ولاشيء تحت اليد مما توافر لدى شعوب إلى الأمس كانت بلدانها في أسفل قائمة التنمية وهي اليوم نموذج للبلدان الصاعدة في التنمية البشرية وسبقت المغرب في التصنيف الدولي للمنظمات الأممية المختصة؟

الجواب لا يحتاج الى عناء لكل من علم ما للشعب المغربي من اصطبار كبير على كل ما ابتلي به عبر تاريخه وما تلهج به بين العشائين أسوار الجوامع من ذكر وتلاوة الآي سنة حميدة حافظة والجواب طي حكمة قديمة لاذ بها العثماني من صهد الوباء تقول الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء….فهل كورونا مجرد وهم داواه الدكتور العثماني بعقار الطمأنينة يوم أمس في حواره الذي يشبه القلم الأبيض في علبة الأقلام الملون؟؟!!! أم أن وصفة اعمارة كفيلة بضمان الحد من انتشار الوباء بقيام العمال والمستخدمين والمياومين بمهامهم والاعمال المنوطة بهم من بيوتهم في الحجر الصحي والله وليهم الى حين البث بين الباترونا والنقابات فيما يتولاهم خلال الحوارات الصماء البكماء.

عبد الواحد الطالبي / مراكش