آخر الأخبار

ميارة رئيسا للمجلس البرلماني المتوسطي

محمد نجيب كومينة 

َانتخاب النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين و المستشار باسمه، رئيسا للمجلس البرلماني لدول حوض البحر المتوسط، بعد ما نال ترشيحه الدعم كمرشح لبرلمانات دول جنوب وشرق المتوسط باستثناء الجزائر، يعتبر حدثا مهما.
ذلك ان انتخاب ميارة لرئاسة هذه المؤسسة، التي سبق للمغربي عبد الواحد الراضي ان ترأسها قبل انتقاله لرئاسة الاتحاد البرلماني الدولي، يكتسي اليوم طابعا خاصا بالنظر الى كون ميارة ينحدر من اقاليمنا الجنوبية المسترجعة من الاستعمار الاسباني، ومن قبيلة الركيبات المعروفة بوزنها في التركيبة القبلية للصحراء المغربية غربا وشرقا، وهو مايؤكد للخاص والعام ولكل عين ناظرة ان سكان اقاليمنا الجنوبية مندمجين في مختلف مؤسسات البلاد المنتخبة باختيار اخوانهم المندمجين في مختلف المسؤوليات العمومية ومختلف الديناميات التي يعرفها المغرب، ولا يغير من هذا الوضع كون قلة قليلة تتتبنى طرحا انفصاليا، انتهت مدة صلاحيته، و تنخرط في خدمة اهداف كابرانات الجزائر الداخلية والجيوسياسية مند عقود بلا كرامة.
رئاسة ميارة للمجلس البرلماني المتوسط لها دلالتها الخاصة اذا ماوضعت في سياق اندماج النخب المنتمية لاقاليمنا الجنوبية في الدينامية الديبلوماسية المتجهة نحو حل النزاع الاقليمي مع الجيران بتاكيد الوحدة الترابية للمغرب دوليا والتصدي للمناورات الخبيثة، والفاشلة لا محالة بارادة الشعب المغربي برمته، الهادفة الى اضعاف المغرب وتقسيمه وعزله عن امتداده وعمقه الافريقيين امتدادا لمشروع استعماري قديم ارتبط بخلق “الجزائر الفرنسية” و بفرض الحدود الاستعمارية بالقوة الغاشمة وماترتب عن ذلك.
ذلك ان انتخاب النعم ميارة رئيسا لهذه المؤسسة البرلمانية المتوسطية، التي تندرج في اطار هياكل الاتحاد من اجل المتوسط المحدث من اجل تطوير التعاون بين ضفتي البحر المتوسط وتطوير الشراكة التي اطلقها مسلسل برشلونة سنة 1995، ياتي تاليا لمشاركة ثلاثة منتخبين من اقاليمنا الجنوبية في الوفد المغربي الذي شارك في الطاولات المستديرة التي انتظمت تحت اشراف مبعوث الامين العام للامم المتحدة السابق الالماني كوهلر، بحضور ممثلي الدولة الجزائرية كطرف في النزاع الاقليمي، وكانت تمثيلية الدولة الجزائرية بوزيري خارجية متعاقبين، من ضمنهم وزير الخارجية الجزائري الحالي رمطان العمامرة، ما يعني ان الدولة الجزائرية لم تؤكد بذلك فقط انها الطرف الرئيسي في النزاع، بل تؤكد ايضا، و في اطار اممي، ان اعضاء الوفد المغربي المنحدرين من اقاليمنا الجنوبية المسترجعة ممثلون شرعيون، بالتزكية الاممية، لساكنة تلك الاقاليم وان ادعاء تمثيل بوليساريو لما يسمى “الشعب الصحراوي” باطل وان جمهورية الوهم القائمة على الباطل باطلة ايضا، والباطل لابد ان يزهق طال الزمن او قصر. ومعروف ان دولة الكابرانات، الغارقة في الغباء المتاتي من الاستمرار في حسابات اكل عليها الدهر وشرب، قد استفاقوا متاخرين و قرروا التراجع عن موقفهم بالمشاركة في الموائد المستديرة التي اقرها مجلس الامن كالية لايجاد صيغة مقبولة من كل الاطراف للنزاع الاقليمي القائم بين المغرب والجزائر على اساس التاكيد على مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 واصبح التنويه بجديته ومصداقيته و قدرته على تشكيل الحل المناسب من ثوابت قرارات مجلس الامن الثمانية عشرة الصادرة منذئد. تراجعهم ذاك عقد مهمة المبعوث الجديد للامين العام للمتحدة دي ميستورا وجعلهم وجها لوجه مع الامم المتحدة ومجلس الامن، لكنه لم يغير شيئا من حقيقة ان بوليساريو، المتحكم فيها بالريموت كونترول، فقدت القدرة على الادعاء بانها الممثل الوحيد للساكنة الصحراوية الذي كان اصلها التجاري، المكترى للكابرانات، و باتت تمثيليتها حتى للاقلية مشكوكا فيها، خصوصا بعد الاحصائيات الاخيرة التي نشرتها اسبانيا مؤخرا والتي تؤكد ان من يقيمون في مخيمات الحمادة بتندوف الخاضعة للجزائر ممن شملهم الاحصاء الاسباني المنشورة نتائجه سنة 1975 يقل عددهم عن 3000 شخصا، وهناك بطبيعة الحال بعض الموالين لهم الذين يعيشون في المغرب. وقد بات ضروريا، مادام الامر يتعلق بقرار آمر لمجلس الامن، ان يتم احصاء اللاجئين في حمادة تندوف من دوي الاصل الصحراوي وبالتالي تمتيعهم بحقوق اللاجئين من طرف الجزائر، ومن شان انجاز هذا الاحصاء من طرف الهيئة الاممية المكلفة ان يزيل الغشاوة ويفضح مالم يعد مستورا وينهي الخلط بين الحابل والنابل و يعري اكثر التمثيلية المزعومة للجبهة الانفصالية، وهو مايخشاه الكابرانات، لان كل اوراقهم ستسقط.
انتخاب النعم ميارة اقراه في اطار هذه المعطيات، ومن المستحيل على اي محلل يعتمد منهجا عقلانيا ان لا يربطها بهذا السياق والا كان تحليله شبيها بمن يسعى الى ملء قربة مثقوبة بالماء. فالامر يتعلق بتحول اخر، سيكون له اثر، على المستويين المتوسطي والدولي بوجود ميارة على راس المؤسسة البرلمانية المتوسطية، حتى وان كان دورها ونطاقها محدودين بسبب تعثر الاتحاد من اجل المتوسط، و من المفروض مرافقة الرجل و استثمار ولايته استثمارا عقلانيا ومنتجا، مع توقع ان يجن جنون الكابرانات واذنابهم و استخدامهم لدعايتهم البئيسة داخل الجزائر من اجل اخفاء هذا الفشل اللاحق لسيرورة من الفشل يراكمها العمامرة و من معه في مختلف المحافل، ويزعم بلا حياء انها سيرورة انتصارات، انتصارات تقود الى الحائط.