آخر الأخبار

لفوسفاط الشريف..تسميد العقول وتخصيب النبوغ – 2 –

سعد سرحان

أما كبرى تلك الجزر، ويقال لها خريبكة، فلم تشتهر ببنات في الأولمبياد، بل بأولاد في الأولمبيك، منذ قرن وهم يسعوْن في الملاعب باحتضان من الفوسفاط. ولما كان هؤلاء يَجِلون عن الحصر، فسأخص بعضًا من أبنائها بالذكر، كالكاتب المعطي قبال والشاعر أحمد العناني على سبيل التحية، والراحليْن الكبيريْن محمد البسطاوي ونور الدين الصايل على سبيل الترحم. وحتى إذا كان هذا الأخير ابن طنجة، فلن تنسى له خريبكة أبدًا أن أسس بها مهرجان السينما الإفريقية؛ فجعل منها، بذلك، المدينة الصغيرة التي تحتضن قارة بأسرها، عقودًا قبل تعيين الفوسفاط سفيرًا معتمدًا في حقولها.لقد كان ذكيا ونبيلًا من المغرب أن ذهب إلى جذور إفريقيا بالفوسفاط، فإخصاب تُربتها بترابه، إنما هو نوع من المصاهرة الرمزية، سوف يثمر غلالًا من الود، بعد أن يُضفي الكثير من الخضرة على أرض العلاقات الأفقية بين البلد وقارته الأم.ولمناسبة الخضرة، أقف عند جزيرة أخرى من جزر الفوسفاط. فبعد أن كانت سؤالًا صعبًا في الجغرافيا، أصبحت بنجرير تُذكر، في سياق لامعٍ جدا، مباشرة بعد باريس.والفضل في ذلك يعود إلى مدينتها الخضراء، وتحديدًا، إلى موقعين بها تَم إنشاؤهما لاحتضان عقول المغاربة، هذه المرة، لا أجسادهم كما في اليوسفية وخريبكة، وتسميد العقول أيضًا، لا الحقول الإفريقية فقط، في سعي مشكور نحو إفريقيا خضراء قلبًا وقالبًا. هذان الموقعان هما ثانوية التميز، ليديكس، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات.

أما ثانوية التميز، فقد أحدثت سنة 2015، على مساحة 18 هكتارًا مؤثثة بكل ما تحتاج إليه الدراسة والبحث والتفتح والترفيه. وهي تنقسم إلى قسمين: الثانوي التأهيلي والأقسام التحضيرية. وتأشيرة الدخول، إلى هذا كما إلى ذاك، هي نفسها: النبوغ.تَتِم عملية الترشيح لولوج السلك الثانوي التأهيلي من ثانوية التميز عبر بوابتها الإلكترونية. كما أن المؤسسة، وبتنسيق مع الوزارة الوصية، قد تعتمد نتائج التلاميذ الذين لم يترشحوا، فتخص المنحدرين منهم من أسر محدودة الدخل بمنحٍ دراسية قد تصل إلى مِائة بالمائة لتغطية مصاريف الدراسة والإيواء والإطعام. معايير الانتقاء وطنيا، وفي الحالتين، هي التفوق الدراسي والتنوع الجغرافي والسوسيو – اقتصادي.