آخر الأخبار

كيف نعيش الحرب في أوكرانيا .. الفهم أولا ومصالحنا

إدريس الأندلسي

كذاب و جاهل من لا يربط بين ما يجري في العالم و بين الصراع بين مصالح القوى العظمى على خريطة العالم. بين الإقتصاد و صناعة الاسلحة و بين تنافس الأسواق و صنع أزمات حول مصادر الطاقة، تتدخل السياسةفي عمقها من أجل إعطاء المشروعية لقرارقديهدم بنيانا أو يوقفمسارا أويغير وجهةقنبلة أوصاروخ أو استثمارا بالملايير. من حملته العواطف إلى تبرير مواقف أمريكا أو روسيا أو أوروبا أو حتى ” الحكمة الآسيوية ” قد يكون ضحية عدم الإطلاع عن معطيات ماض قريب و حاضر طبعا.
تم تدمير العراق و سوريا و ليبيا و كثير من دول أفريقيا جنوب الصحراء و آسيا لمجرد أن مصالح اقتصادية أو إستراتيجية تخشى من وجود إرادة للإصلاح لدى قيادة سياسية في قلعةالقانونالدولي في مؤسسات الأمم المتحدة بنويورك. هذه الإرادة قد تكون ليبرالية أو ذات إتجاه اشتراكي و لكن الأهم هو من يشكل خطرا عن مصالح الشركات متعددة الجنسيات ومن يحميها في غرفة العمليات السياسية التي تليهاصواريخ و اسراب طائرات دبابات. و كم ارتكبوا مجازر في الشرق بأسم حرية مفترضة و أخطاء مصطنعة و أشياء أخرى لتدمير تم له التخطيط منذ عقود.

هكذا صنع الشرق فكرا و علما و فلسفة وحريات ولم يصنع الغرب إلا دمارا وحرب أديان دامت قرون رغم بعض الفلتات في ضياء أثينا من سقراط و ارسلو و أفلاطون و ما اسطلح على تسميته بعصر الأنوار رغم همجيتة صاحبته وما تم صنعه من رحم فكر الإستثمار والامبريالية. وكل هذا حصل بمباركة ايديولوجيات دينية كانت الكنيسة خلالها تصاحب جيوش الإستثمار بصحبة مؤرخين باحثين في الاركيولوجيا و الاثنوغرتفيا وحتى بعض العارفين بالإسلام.

كل هذا للتذكير أن الحروب ما سبق منها و ما حضر لا يمكن فهمها خارج صراع أبدي استولى الغرب منذ قرون على صناعتها. و لرفع كل لبس لا استثني اي حرب سميت فتحا لارغام أي شعب على الايمان بأفكار حزب او طائفة أو دين. الإيمان مرفأ لا يصل إليه من لم يتذوق حلاوة الحرية الفكرية. لكل هذا فالحرب التي قيل أن روسيا اشعلتها لا يمكن فهمها بعيدا عن الصراع حول مصالح ذات بعد إستراتيجي . الطاقة و الموانىء و المطارات و مصادر الثروات الطبيعية هي الأسباب الحقيقية لكا نعيشه.

لسنا بعيدين عن مربع الفتنة لأننا بلد في موقع يهم العالم و على الخصوص القوى الكبرى في هذا العالم. و لعل المتتبع لما كشفه تعامل محيطنا الأوروبي القريب مع قضيتنا الوطنية خلال الفترة الأخيرة قد يقرأ بوضوح سمو المصالح الاقتصادية على المبادىء العليا للتاريخ و للقانون. و هذا ما أدى إلى إتخاذ قرارات حكيمة و شجاعة ضد ألمانيا و إسبانيا. و بالطبع نتمنى في مستقبل قريب ان نكون ،بفضل موقعنا و مواردنا الحالية و المستقبلية، ذوي قرار حاسم.

الفترة الحالية يجب أن تكون مفاتيح التحكم في غرفة القيادة الحكومية. و بالطبع أن هذه القراءة تتطلب كثيرا من المعطيات التي لا يمكن أن تكون سهلة بالنسبة لكل من دخل إلى عالم السياسة عن “طيب خاطر ” وليس عن وعي عميق بالتاريخ و بصناعه الحقيقيين. اللحظة تتطلب الكثير من التواضع و من الوعي بركاءز التوازنات الإجتماعية. من لا يعرف أثر الأسعار على مؤشر التوازن العاءلي وعلى نوعية الخطاب الراءج في الأحياء الشعبية في المدن و القرى، قد يكون قد أتى من كوكب آخر.

ليس المهم هو صنع برامج لإرضاء فئات اجتماعية دون أي إعارة الإهتمام المطلوب لفهم كل أوجه الأزمة الإجتماعية، و لكن المهم هو الخروج من دائرة من الحدود التقنوقراطية لمواجهة و فهم آليات قيادة التغيير الحقيقي للمجتمع. الحكومة الحالية ليست سياسية و هذا ما يجعلها غير قادرة على تجاوز النظرة التي تجزا المشاكل دون التعامل معها ككل لا يتجزأ. و هذا التعامل يتطلب الجرأة لمواجهة الأسواق و المصالح و ما يتبعه من أسعار الدواء والطاقة والبناء والسكن حتى بعض المواد الغذائية ذات الرمزية في نوعية تقدير طبيعة عيش المواطن.

نعم هناك حرب يتخيل للكثيرين أنها قد تقود إلى حرب كبرى و لا أقول عالمية، و لكنها ذات ارتباط كبير بسوق السلع و الخدمات و على رأسها الطاقة. و لكل هذا تجد الغرب يهادن وينفرط عقده حين يتعلق الأمر بشن حرب مالية و بنكية على روسيا. صحيح أن سلاح أن نظام ” سويفت ” قوي و لكن قوته أصغر بكثير من قوة وقف حركة السلع الطاقية في شرق المتوسط و بين آسيا و باقي دول العالم. أوروبا لا قدرة لها على صيانة مستوى عيش مواطنيها دون الإعتماد على أمريكا. و هذه الأخيرة لا رغبة لها في الدفاع عن قارة “قديمة ” تشكل عبءا ماليا على دافع الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية.

أتمنى أن يكون من اختار العمل السياسي في بلادنا أن يكون على علم بكل هذه المعطيات. أقول هذا القول و جل من أعرفهم على علم بكل عوامل تلويث السياسة بنوع من المغاربة لا يحب القراءة والكتابة وبحب كبير للمال والعقار ولكل المصادر التي تسهل الاغتناء السريع. قبح ألله من فتح أبواب السياسة الحزبية على الأغبياء وأصحاب المال غير المتاكد من مصدره وكل ذوي النيات غير الديمقراطية.

ولكل من دخل إلى قيادة حزب لم يعرفه من قبل، أدعو له بالوعي بما قرره بعد أن قيل له أنه سيصبح وزيرا او وزيرة، أن يفتح عينيه على الوزر الذي يتحمله. قد يعتبر البعض أن الأحزاب مجرد بدعة، لكني أؤكد، وإلى تأكيد العكس أنها المؤسسات الوحيدة لصنع القرار الذي يؤكده الدستور.

أما من ارتمى في حضن حزب في الليلة التي أتت بعد تعيينه وزيرا، فأقول له أنت محرر من أي إلتزام غداة إعفاءك من مهامك. و في إنتظار ذلك، الشعب ينتظركم يا أعضاء حكومة اخنوش. الأسواق تغلي فماذا أنتم فاعلون…؟

روسي أو أوكراني ..بينهما تاريخ و لكني مهتم بتاريخ بلادي أولا و أخيرا.