آخر الأخبار

فلسطين تصنع المجد  و تكتب التاريخ 

فلسطين تصنع المجد  و تكتب التاريخ يا كراكيز إسرائيل لدينا…عليكم بحائط المبكى .

إدربس الأندلسي

أصبح نومنا  و استيقاظنا  و يومنا  و ليلنا  و كل لحظة  ، لحظة  وعي جديد من أجل شرق جديد  يتطلب منا وقوفا  شجاعا لتحية من يصنعون الأمل. صناع الأمل لا يلتفتون إلى تاريخ مليء بالخيانات  والانهزامية. منذ عقود  و نحن نشرع بغربتنا في عالم لا يعبد إلا الأصنام التي صنعها كتاب التوراة و أقاموا أعياد زواج بينها  و بين الأناجيل . أصبحت الحركات الإستعمارية التي شكلت العالم حسب رغبتها في الهيمنة  على الشعوب  و مواردها  شبكة للإجرام بإسم الدين  و الوصايات  و الحضارة  و حتى بإسم الايديولوجيات العنصرية  و حتى تلك التي تسمي نفسها لادينية أو ” علمانية ” أو حتى اشتراكية وطنية. و هكذا تشكلت الجماعات الأولى للصهاينة على تراب فلسطين.  قيل للمهجرين من شرق أوروبا  و حتى من شمال افريقيا  و اليمن  و إثيوبيا أن الحياة الصهيونية هي الجنة في غياب أية قيمة حضارية حقيقية تهم العدالة  و حقوق الإنسان. أول قيمة صنعتها الصهيونية هي اعتبار الإنسان الفلسطيني من صنف لا يستحق الحياة. و الصناع الحقيقيون لهذه الحركة العنصرية هم لوردات إنجلترا  و احفادها الذين تحكموا في أمريكا  و كندا  و أستراليا و أوروبا. و لقد وجد هؤلاء المستعمرون في بعض مكونات شعوب شرق أوروبا ضالتهم . سلحوهم  و قالوا لهم اذهبوا إلى أرض فلسطين و اقتلوا  و اسلبوا أراضي الفلسطينيين. 

الغريب في موضوع الإستعمار الصهيوني لفلسطين هو إستعمال كل أنواع الخطاب في مواجهة حق شعب في أرضه.  الشيوعي الصهيوني  و المتدين  و العنصري يربط شرعية عيشه،  على أرض غيره  من تلال  و سهول  و  و مرتفعات   احتضنت الديانات  و الفلسفات  و صنع  الكتابات،  بتبريرات دينية عنصرية يستمدها صناع الصهيونية من التوراة ، و الليبرالي يقسم على تمسكه بالحريات  و قيم الحضارة الإنسانية  و لكنه اليوم يشتري كل أسلحة الدمار لقتل الرضيع  و الطفل  و النساء  و الشيوخ في غزة .  و حتى ممتهني العهر الصحافي في الغرب  و على الخصوص في فرنسا يعتبرون قتل أطفال غزة نتيجة ” مشروعة ” لدفاع ” إسرائيل عن نفسها ” و قتل أطفال إسرائيل جريمة ضد الإنسانية. ماذا يمكن انتظاره من إنجلترا و أمريكا  و فرنسا  و هي الدول التي تتلذذ بإلقاء عشرات الأطنان من المتفجرات على المدنيين في غزة و تذرف دموع التماسيح  و الخنازير حين يدافع الأسد الغزاوي عن أرضه بسلاح بسيط صنعه بيده.  حرب غزة مقدسة بكل المفاهيم،  إنها حرب تتحكم في قيم الإيمان بعدالة قضية  شعب يناضل ضد أحفاد هتلر  و اؤلئك الذين دمروا حضارات أمريكا القديمة.  أولئك الأقزام الذين أرادوا، على قلتهم،  هزم دول آسيا فهزمتهم حضارات الهند  و الصين  و فيتنام  و كمبوديا. 

 العالم يشهد أكبر حالات فضح نفاق الغرب الإمبريالي العنصري.  و للتذكير فإن العنصرية موجودة داخل إسرائيل بين يهود الشرق  و الاشكيناز الاغراب عن الدين اليهودي و المسيطرين على القرار الإقتصادي و الحربي.  و لعل المتابع للعدوان الإسرائيلي على غزة يلاحظ الشبه الكبير بين وزراء  و جينيرالات العدو الصهيوني  و بين زعماء الغرب ذوي السحنة البيضاء  و العيون الزرق  و الشعر الأشقر. أما جنودهم، الذين يعرفون قوة حماس القتالية  و إيمان الفلسطيني بمقاومته لاعداءه  ، فهم في الغالب،  من يهود الشرق  و شمال افريقيا و جزء من الدروز.   

إن الوضع الحالي في ميدان المعارك من أجل الكرامة غير الكثير من القناعات لدى جزء كبير من النخبة المغربية و العربية  و الهندية  و الفارسية  و غيرها من تفاهة  و عنصرية قيم الغرب. هذه النخبة التي كانت تحاول نسيان قضية فلسطين  و عدم ربطها بمستقبل شعوب كثيرة في كافة القارات،  ظهر لها جليا أن إرادة مناضلي غزة عصفت بالكثير من ” القيادات ” الخائنة لقضية شعب  و أمة. و ظهر أن شعب فلسطين لا يمكن أن يستعيد حقوقه بالاعتماد على دول صنعت بتدبير استعماري غداة الحرب العالمية الأولى. و هذا ما صنعته حركة حماس على أرض الواقع بالرغم مما يقال عن تمويلها  و علاقاتها مع إيران . الأهم هو أن مواطني العالم العربي  و الإسلامي  و العالم الممتد من الهند إلى دول أمريكا اللاتينية  و الكثير من مكونات شعوب العالم أصبحوا أكثر وعيا بالكذبة الكبرى التي صنعها الإستعمار البريطاني  في فلسطين. و بالطبع لا يمكن عزل هذه الكذبة عن الدور الذي لعبته منتديات تزييف التاريخ على ما يزيد على قرن من  الزمن.  و لأن الحقيقة تشبه تلك الشعلة التي تنبعث من جديد ، و لو بعد سنين طويلة، لتتحول من شرارات في رماد إلى نور كبير. سيطر الصهاينة على  وسائل الإعلام  و سخروا لذلك الملايير  و لكن حق الشعب الفلسطيني ظل تلك الشوكة التي تمنع محو التاريخ من طرف الغرب. وصل الأمر إلى تدنيس الجامعات عبر منعها من البحث التاريخي الذي يعري التزوير الصهيوني.  و لكن العلم  و الإيمان الحقيقي بالقيم الإنسانية لا ينهزم أمام المزورين.  

صنع الصهاينة أساطير حول قوتهم في بسط سيطرتهم على الشرق،  ولكن الحقيقة هي أنهم سيطروا على صناع القرار في أوروبا و أمريكا. منذ البدء كانت كل الحروب التي استهدفت بلدان الشرق العربي ذات مصدر غربي ، و كانت المواجهة الحقيقية منذ  1948 مع الغرب.  و تتأكد هذه الحقيقة اليوم في غزة حيث السلاح أمريكيا  و أوروبيا،  و حيث البوارج المرابطة بشرق المتوسط  و البحر الأحمر أمريكية  و أوروبيا،  و حيث الجنود الصهاينة يحملون جنسيات فرنسا  و إيطاليا  و إنجلترا  و غيرها من دول الغرب. لأول مرة منذ عقود شعر العربي  و الامازيغي  و الباكستاني  و الهندي  و الأمريكي اللاتيني ببزوغ فجر جديد يكشف بشاعة الصهيونية  و حقيقة خطاب الغرب حول حقوق الإنسان  و القانون الدولي  و حرية التعبير و الرأي و الصحافة.  إنها بداية زلزلة عالم قديم تحكمه أنظمة تكره المساواة بين الشعوب. ذكرني هذا الفجر بأغنية مارسيل خليفة الجميلة ” يعبرون الجسر في الصبح خفافا…أضلعي امتدت لهم جسرا وطيد …من كهوف الشرق من مستنقع الشرق…إلى الشرق الجديد”