آخر الأخبار

على هامش ذكرى توقيع كتاب

إدريس المغلشي 

بدا اختيار شهر فبراير كزمن لتوقيع كتاب عملية ذكية تيمنا بمرحلة بداية فرح الطبيعة .ربما لارتباط هذا التوقيت بشهر تزهر فيه الحياة بجميع مكوناتها و تمفصلاتها حين إنبعثت تباشير الحرية مجسدة هبةشعبيةأخضعها الساسة لمنطق المقايضة وشروط”لوزيعة” فأجهضوها وهي جنينية ليخمدوا أنفاسها حتى لاترى النور،الطبيعة كئيبة كأنها تعكس هذا الجو السياسي البئيس والعفن الذي أصبح الرعاع فيه يقودون شؤوننا بلامنهج ولا استراتيجية. رغم كل هذه الأعطاب سنبقى متفائلين ، لسبب بسيط لأن فبراير شهر الأمل والتفاؤل.سنبقى متمسكين بهذا الخيط الرفيع .
فعل الكتابة يستمد نفسه كعبق شارد من نورها ويسعى محاولا لعله يجد لنفسه نوافذ جديدة وقد تكون بديلة. مشرعة على الشفق القزحي وهي تنشر أحلامها الوردية لتزرع بينناالأمل والتفاؤل.وتوقظ فينا إحساسنا بالإنتماء. لن نستسلم ولن نرفع الراية البيضاء .
فكرة اصدار كتاب لم تكن وليدة اللحظة بل هو نقاش مسترسل بين التردد والقبول والرفض.هي مغامرة لها تداعيات قد لاتخطر ببال أحد.صحيح أن هناك من تابع كتاباتك لمدة طويلة استطاع من خلالها تكوين رأي حول النسق الذي تتبنى وكلما اتيحت فرصة للنقاش ساند ودعم بكلمات تحفيزية تجعلك تقدم بيقين وعزم على هذه الخطوة وهناك من يشير بالتريث قليلا فالأمر ليس بالسهولة المتوقعة كما ان هناك من فاجأه القرار لحدالصدمة واعتبره مجرد ادعاء فارغ فليس كل من يحدث خربشات هنا وهناك. قادر على انجاز مؤلف.الأمر صعب للغاية وليس في متناول الكل.في ظل هذا المخاض الصعب والعسير وكل هذه المحاذير والتهديدات التي تقفز من المخيلة بين الفينة والأخرى تجعلك تكبح طموحك لتعيدحساباتك من جديد مرة بل مرات عديدة .
الكتابة في مجملها ترجمة فعلية لأحاسيس ومشاعر اتجاه مواضيع متعددة .ليس بالسهل اعتناق هذا الفعل النبيل واكتساب دربته دون حيازة ملكة متفردة اسمها فنية السرد والقدرة على الإبداع فيه وركوب أمواجه العاتية فكل محاولة أو تجربة تبدو رغم استصغارها مهمة في بناء الشخصية الأدبية. بل وتؤسس بالتوالي لولادة أسلوب لايأتي اعتباطا مرتجلا بل من خلال وعي واكتساب تجربة.تستطيع ان تنحث خطها التحريري كسيل جارف لايحيدعن مساره المعتاد.لا تلتفت وهي ترسمه حتى لاتتوقف .تواصل الخطى لعلها تبصم مرحلة من حياتها ستبقى حديث الناس تتكلم عنها بعد الرحيل .لا أشك لحظة أنني مدين لكتاب مرموقين كنا منذ الصغر نلتهم كتاباتهم باستزادة غير طبيعية أغنت رصيدنا في التعبير .فالذين بصموا حياتنا بأفكارهم تفردوا بين قصص ذات صيت عالمي وطرح إشكاليات عميقةوتقدم في نفس الوقت كأجوبة على أسئلة آنية ومصيرية .لقد وقفت على حقيقة مفادها أن الكتابة الجادة والمنسجمة مع المبادئ ليست وظيفة مذرة للدخل مربحة فهذه الأخيرة لاتفتح آفاقا لتؤمن لصاحبها المستقبل.بل هي عملية إذا أخضعتها للمنطق التجاري سقطت في الوحل والحضيض.فليس الكلام النابع من القلب بوفاء يطرح في السوق مقابل ثمن.إنه يتعالى ليحلق بعيدافي الأفق متجاوزا كل التسعيرات.كل الذين أبدوا رغبة جامحةللدعم والتحفيز نحو النشر تخلوا عنك في منتصف الطريق .وسلكوا الصمت لعل المشروع يجهض في بدايته .
في حوار عابر مع مسؤول على هامش حدث اصدار كتاب بعدما التقينا في كثير من المناسبات وهو يلمح لتشجيع الأقلام الجادة والتي تكتب بموضوعية والنقاش حول الدعم من أجل اخراج المؤلف للوجود .تبين أن خيار الدعم إنما هو شراك نصب من أجل ان تكتب تحت الطلب لتلميع الصورة .
قلت ضاحكا في رد على ملاحظات جاءت في السياق من الكلام وكأنها شروط للقبول:” نحن لانبيع الكلام ، ولانكتب تحت الطلب .ولدينا من القدرة مايكفي لاحتضان مؤلفاتنا بالتموين والدعم لاخراجها للقراء.مهما كلف الأمر لأننا لانقبل ان نكون ملحقة لأحد أو ناطقا رسميا يشهد شهادة زور كما لانجيد صباغة الهياكل المتآكلة والقديمة التي تجاوزها الزمن و التاريخ .”