آخر الأخبار

عـــجـــائــب اللغــــة العـــربــيـــة – 2 –

المبارك الگنوني

إليكم هذه القصة المكتوبة بطريقة ما يسمى في الأدب ( ما لا يستحيل بالانعـكـاس ) ،وهي عبارة عن رسالة فهمها الأمير ولم يفهمها الأعداء.
يروى أن بعض الملوك عزم على غزو عدو له ، فأرسل قبل ذلك جاسوساً ليتعرف على أحوال هذا العدو وعلى مدى استعداده للحرب ، ولكن تنبه العدو للجاسوس وقبضوا عليه وأرغموه على كتابة رسالة لمن أرسله يقول له فيها : ” إن العدو ضعيف فأقدم لغزوه ”
فكتب إليه ما يلي :
” أما بعد فقد أحطت علماً بالقوم ، “وأصبحت مستريحاً من السعي” في تعرف أحوالهم وإني قد “استضعفتهم” بالنسبة إليكم ، وقد كنت أعهد من أخلاق الملك المهلة في الأمور “والنظر في العاقبة ”
ولكن ليس هذا وقت النظر في العاقبة ، فقد تحققت ” أنكم الفئة الغالبة بإذن الله ” وقد رأيت من أحوال القوم ما يطيب به “قلب” الملك .
ثم كتب أسفل الرسالة:
(( نصحت فدع ريبك ودع مهلك )) والسلام .
فلما انتهى الكتاب إلى الملك قرأه على رجاله فقويت عزيمتهم على الخروج ،
إلا أن الملك قال لهم :
أريد أن تتأملوا هذه الرسالة فإني شعرت منها بأمر وإني غير سائر حتى أنظر في أمره .
فقال بعضهم : ما الذي لحظ الملك من الرسالة ؟
قال الملك:
إن فلاناً من الرجال ذوي الحصافة والرأي ، وقد أنكرت ظاهر لفظه وقد تأملت فحواه فوجدت في باطنه خلاف ما يوهم الظاهر.
فمن ذلك قوله :
” أصبحت مستريحاً من السعي ” كأنه يريد أنه محبوس .
وقوله : ” استضعفتهم بالنسبة إليكم ” يريد أنهم ضعفنا لكثرتهم .
وقوله : ” إنكم الفئة الغالبة بإذن الله ” يشير إلى قوله تعالى : ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة ”
وقوله : ” رأيت من أحوال القوم ما يطيب به (( قلب الملك ))
فإني تأملت ما بعده فوجدت أنه يريد بالقلب : أي قلب الجملة .
لأن الجملة الآتية مما يوهم ذلك فقلبت الجملة وهي قوله :
” نصحت فدع ريبك ودع مهلك ” .
فإذا مقلوبها : ” كلهم عدو كبير عد فتحصن ”