آخر الأخبار

شـهـرمان الـفـنـان الأسـطـورة

المبارك الگنوني

اشتهرت مدينة مراكش وحومة سيدي بنسليمان خصوصا بعدة أسماء تركوا بصماتهم الفكرية و الدينية والروحية و الفنية وألهموا الكثير من الكتاب والأدباء والشعراء من خلال حسهم الإنساني والأخلاقي. في مثل هذا الشهرو بالضبط يوم 4 أبريل 2013 اختطفت يد المنون واحدا من عمالقة الساحة الفنية والإبداعية المراكشية. كان زجالا متميزا وكاتبا مسرحيا ومبدعا في الزجل والمسرح.. وبعد عقود من الإبداع و من كتابة مئات الأبيات الخالدة وعشرات العناوين والفصول والنصوص المسرحية، رحل محمد شهرمان عن دنيا الفن والحياة. شهرمان اسم أسطوري لرجل عصامي وموسوعي، عشق الحرف البراق والخط المنمق وجنون المسرح الحارق. هكذا اختار له القدر والقضاء أن يولد في مراكش الحمراء وأن يكون شهرمانا لها. في حي سيدي بن سليمان بالمدينة العتيقة رأى النور سنة 1948وسط الدروب الضيقة والصابات المظلمة محتميا ببركة الأولياء والصالحين وأصوات المقرئين وعطر بخور المنشدين لدلائل الخيرات. داخل هذا الفضاء الروحاني، كبر الفتى وأضحى واحدا من أولاد حي سيدي بن سليمان. فالبركة تحوم من حواليه وهو داخل الأسوار وبقرب السقايات وعطر بخور الأولياء سيدي بلعباس وسيدي أحمد السوسي وبناصر وسيدي بوخبزة. هذه الأجواء القدسية منحت شهرمان وجوده و أغنت مساره الحياتي و ألهمته رتق كلام موزون ومحبوك و متقون امتد لخمسة عقود.ظل الرجل وفيا للكلمة الصادقة والإبداع الإنساني المتميز. يقول عنه صديقه ورفيقه المسرحي المبدع إبراهيم الهنائي في ديوان ” نقيق ضفدعة ” مجموعة أزجاله من واقع الحال . كلمات محمد شهرمان ترفض المصادرة والارتزاق، لأنها تركب بحر الرفض،و تشق العباب لفتح الأبواب ” الشهرمانية “.وقد ظل الراحل محمد شهرمان منحازا لقضايا المجتمع وهموم المواطن المغربي من خلال كتابته الزجلية والمسرحية التي أكسبته محبة الجمهور داخل المغرب وخارجه٬ وجعلته يتألق في أكثر من عمل ويكرم في العديد من المناسبات.ابتدأ محمد شهرمان مسيرته الفنية مع بداية الستينات وبالضبط بعرصة لمعاش،بمقر حزب الاستقلال، حيث انطلقت المرحلة الأولى من حياته المسرحية والإبداعية.عمل بفرقة الناشئين للمسرح ككاتب مبتدئ ومصمم للديكور. لعب في مسرحية ” جمال بلادي ” من إخراج محمد الوفا الوزير السابق إلى جانب بن مسلم وعبد السلام الخالدي وبرحال وطهراش والأخوين مصطفى وعبد الرحيم بن علي، مع تواجد فتاة رقيقة ومغمورة في بداية مشوارها الفني تسمى زينب السمايكي.يمكن اعتبار مرحلة السبعينات والثمانينات من أزهى الفترات إنتاجا و إبداعا لمحمد شهرمان فقد نهج تيارا جديدا في الكتابة المسرحية ، لغته لا تعرف الأبراج اللفظية العاجية، بقدر ما تحتك باللغة اليومية، لغة الشعب. لقد تجلت هذه الكتابة المسرحية الرافضة للاسترزاق عبر نصوص جريئة تمثلت في التكعكيعة، نكسة أرقام والضفادع الكحلا و الرهوط و الأقزام في الشبكة وخنقطرة .مع بداية الثمانينات من القرن العشرين ومع بداية العد العكسي لمسرح الهواة، كتب مسرحية سين و جيم ومسرحية القنبولة و الجهاد الأكبر. مع مطلع التسعينات، كتب مسرحية سوق الرشوق، كما أن معظم أزجاله، تغنت بها مجموعة لرصاد المراكشية و فرقة جيل جيلالة.وعقب تكريمه في الدورة الثانية للمهرجان الغيواني انطفأت من حواليه الانوارسنة 2013 بعد مرض نخر جسمه لكنه لم ينل من عزة نفسه وكبريائه ليوارى الثرى في مقبرة سيدي بلعباس بمراكش المدينة التي رأى فيها النور. رحل شهرمان لكن أعماله ستظل خالدة لأنه استطاع أن يوحد الشعور الوطني للمغاربة بأغنيته الأسطورية “العيون عينيا” والتي تغنى بها كل العرب و كذلك الإخوة في
الجزائر رغم حساسية الموضوع.