آخر الأخبار

رواية مراكش دواليك لعبد الرحيم رزقي

عبد الصادق شحيمة 

بعد إصداره عام 2006 لمجموعته القصصية سيلان من شقوق ،وعام 2009 لمجموعته القصصية الثانية ذاكرة المستحيل ،ها هو الكاتب المراكشي عبد الرحيم الرزقي  المولع بالمدينة والمهووس بها حد الجنون ،يتحف عشاق السرد والسرديات بباكورة أعماله الروائية مختارا عنوانا لها ” مراكش دواليك “.

صدر هذا العمل الإبداعي الروائي في طبعته الأولى في 1443ه/2021م   بحجم متوسط يصل عدد صفحاته مائة وستون صفحة عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والتواصل ،ورد في مناصه النشري

Paratexte edotorialالنشري

شهادة للدكتور عبد اللطيف عادل أستاذ مادة بلاغة الحجاج  بجامعة القاضي عياض يقول فيها “بين بداية ملؤها الانتظار التعيس في ردهات محكمة

الأسرة لإبرام طلاق ينهي علاقة زوجية مضطربة ،ونهاية آملة يتأبط فيها سالم الخزاعي ،وبحرص شديد ،نقلة زيزفون ،يطلق عبد الرحيم الرزقي المسكون بمراكش حد الثمالة والخبل ،العنان ل “سرابة ” حكائية ملتوية ومشوقة ،يسرد فيها المدينة بساحتها وحوماتها وفنادقها وعرصاتها ،يسردها في ليلها ولحظاتها المنفلتة ،وفي أمكنتها السفلى ،في شظفها وفي متعتها ،يسردها في حال ناسها بأقدارهم المتباينة ،وفي حالها ،وهي تحتضن وافدين من وراء البحر ،بمآرب شتى ”

وتتكون الرواية من أربعة فصول تنجدل جميعها   في  ضفيرة  جامعة وسمها الكاتب ب “كناش الهذيان “(والكنش في اللغة الجمع )والفصول هي :هذيان الروح -هذيان العودة -هذيان الحضرة -هذيان السقوط .

لنتابع الكاتب عبد الرحيم الرزقي ولنقرأ معه وبصحبته وبطريقته الخاصة من الفصل الثالث هذيان الحضرة ،وهو الشيخ الصوفي العارف بطرق وطرقات وطرائق الوصول إلى أحياء المدينة وحوماتها ،بله دروبها ومتاهاتها ،ولنتجنب في هذه القراءة /التلاوة كل ما من شأنه أن يحدث التيه والتلف والضياع ويحول بيننا وببين لحظة الصفاء والإشراق والوصول ،الحضرة تستدعي الحضور الكلي لتحقيق الغاية والمبتغى ،الحضور هنا حضور الكينونة القلبية ،الحضرة لدى المتصوفة ذكر وتذكار ،الحضرة ذات وصفات وأفعال ،الحضرة شهود مخصوص ،موطن قرب ومشاهدة ،الحضرة حضرة كشف لحجاب ،حاؤها حضور وعشق ،الحضرة إيجاد ،الحضرة غياب عما دون الحق ،الحضرة حضرة القلوب وحضرة الأرواح وحضرة الأسرار ،الحضرة مقدسة طاهرة تحرم على القلب الجنب ،تتطلب دوام النظر ،وإلقاء السمع ،والتوطين لما يرد على الحاضر من الحكم ،أهل الحضرة مخصوصون ،فلنستأذن الشيخ عبد الرحيم الرزقي في حضوره /حضرته /حضورنا /حضرتنا ونحن -المريدين -،ولنمارس معه ذكرا لورد منه أوراده في الحضرة المراكشية ،فنقول باسم السرد والسرديات ،وبخشوع الصوت والمصوتات باسم الهمس والإصغاء والإصاخة والإنصات والاستماع والإرهاف ،يذكر الكاتب  ونذكر معه (من الذكر )ص94

“لم تبق إلا الساحة …هيا بنا ..

قلت دعها !..فكل الأوقات أوقاتها ..وهي سكن من لاسكن له …ومآل من لا مآل له …كل الطرق تفضي إليها ،وكل السبل تصب فيها …

هي الحزن والفرح ،والنور والظلمة … هي ما ترى العين وهي ما لا تراه …منها يجني المرء السخط ، ومنها يجني الرضى ..فيها الرابح والخاسر ،وفيها الطالع وفيها النازل ،وفيها التقي والورع ،وفيها الدجال والمشعوذ ،وبها حلقات دوائر تنز الفرجة وتقزم الكربة ،وفيها دوائر أخرى للميسر والاحتيال …و”الصوطة ” و”تاقلابت أو لعين ” و”احبس الخيط ” و”الضاضوس ؟ وفيها القوادة المنظمة وغير المنظمة ؟ و”سمارة ” منهمكون ، لا يشاورون ؟ ونقاشات تبحثن عن جلود بيضاء تشمن عليها غدر الزمان والفاقة ..وتعنت ” باضاض” ..وبزناسة مسرهطين …وبائعو الخمر وشاربوها وحاملوها ..والمحمولة إليهم ؟

..ومصافيها غير البعيدة …ليس بينك وبينها سوى بعض الصبر.. وبعض الوقت . وبعض الخطوات ؟..فيها البراني وولد البلاد ..فيها السواح والمخزن .. فيها ضحكة الصباح وقهقهة المساء ..فيها دموع الهمود واللا جدوى ..فيها الزمن يصاب بنوبات الغليان ..وتتعب منه الأحشاء فينزوي جانبا ..يقذف عصارة أحشائه وقد تآكله الغثيان ..

اختلطت فيه المساءات بالضجيج .. والحاضرون بالتائهين ..ومن تقطعت بهم الحبال ،ومن ظلت عنهم السبل …ومن سلمها لها أهله -عن طواعية – ..فدب فيها وسرى سريان السم في الجسد …؟فيها الشيء كله ..وفيها اللا شيء …فيها المقت كله وفيها العطاء الجزيل ..فيها من كاد أن يصل إلى ما وصل إليه ..وفيها من ما إن وصل حتى قضى ..؟ وفيها من ما أن وصل حتى بزغ صيته وعلت مكانته وشأنه ..وفيها من كان فيها ..ولكأنه ما كان …..”