آخر الأخبار

اولياء الله الصالحين في شعر الملحون:مولاي عبد السلام بنمشيش

أولياء الله الصالحين في شعر الملحون (ديوان عبد القادر بوخريص المخطوط) : مولاي عبد السلام بن مشيش .

سعيد عفلفل
مولاي عبد السلام بن مشيش، شيخ صوفي من كبار رجال التصوف في المغرب. كثيرة هي الألقاب التي أُطلقت عليه : القطب المبجل،. شيخ المشاييخ ، إمام الأئمة،. الغوث الأشهر.
نظم الفقيه عبد القادر بوخريص قصيدة في حق هذا القطب الصوفي الشهير وهي في قياس قصيدة ” أسادتي ولاد طه” للشاعر الأديب إدريس بن علي السناني. يقول بوخريص في حربة هذه القصيدة :
” ضيف الله جيت ليك قاصد يا مولا جبل لعلام ** يا مولاي عبد السلام ** عوريط اهل الصفا اسلافك صارخني يا بن مشيش.”
يمدح بوخريص في هذه القصيدة مناقب مولاي عبد السلام و ما عرف به من خصال حميدة و أخلاق نبيلة. كما يبرز قامته الدينية و العلمية و زهده النقي و تصوفه العميق و تواضعه الكبير. يقول بوخريص في القسم الأول من القصيدة :
# غير عليّا و طب حالي يبرا قلبي من القسام ** جيتك لهفان للمقام ** يا غوث الصالحين غيث من شكا ليك ساكْنُه دهيش.
# انت المشنوع بالكرايم و انت المعلوم بالْاحكام** و اكمال الجود والاْشيام ** فزتِ بالجد ما عبيتي عمرك باغْنى ولا بْفيش.
# والع بالدين و العبادا زاهد غاني على الحرام ** قاري لعلوم بالتمام ** عالم والي شريف تاقي هشامي …..ض من قريش.
# بحرك عذبي غزير مالي بْاجواهر طيب لَلْخثام ** و اهلالك تاگ فالظلام ** لاح بنورُه على الكواكب ما بين فلاكها وُ فيش. ”
هو عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي. يرجع نسبه إلى المولى إدريس الأول مؤسس الدولة المغربية. ولد بمنطقة بني عروس قرب مدينة العرائش سنة 559 هجرية / 1198 ميلادية. انتقل الى جبل العلم قرب مسقط رأسه قصد العيش و التعبد.
نشأ مولاي عبد السلام في بيئة دينية. فقد حفظ القرآن بالروايات السبع و هو في الثانية عشرة من عمره. و قضى أزيد من خمسة عشرة سنة في السياحة ( أي الخروج في طلب العلم و العبادة إلى مختلف المناطق و البلدان). تتلمذ على ثلة من الشيوخ و الفقهاء و العلماء و من بينهم الولي سيدي سليم شيخه في القرآن، وأخذ الدراسة العلمية عن الفقيه سيدي أحمد أقطران، أما التربية و السلوك فقد أخذها عن العارف بالله سيدي عبد الرحمن بن الحسن الشريف العطار المدني الشهير بالزيات.
يتأسس مذهب بن مشيش الصوفي على أسس صلبة من التوحيد تكونت لديه من معرفته الواسعة في مختلف العلوم الدينية و الصوفية. كان يتفرغ للعبادة و ينعزل عن الناس في خلوته بجبل العلم. يقول في هذا الصدد : ” اللهم إني أسألك اعوجاج الخلق عليّ حتى لا يكون ملجئي إلا إليك.”
و رغم بلوغه مرتبة عليا في الزهد و النسك و الورع و التقوى إلا أن هذا كله لم يصرفه عن الحياة اليومية لعامة الناس و عن مقاصد الدين و الشريعة. إذ كان يعمل في أرضه يزرعها و يكدح فيها. تزوج بنت عمه و أنجب منها أربعة ذكور و أنثى.
أنار الله بصيرة مولاي عبد السلام و اختصه بأسرار ربانية و علوم لدنيَّة مكنته من اعتلاء مقام الزهد و التصوف.
ترك الولي مولاي عبد السلام بن مشيش آثارا روحية نفيسة و وصايا ثمينة لا زالت الأجيال تتنفع بها. ولعل جوهرة منهجه الصوفي هي ” الصلاة المشيشية” التي تشع نورا و روحانية. هذه الصلاة أولاها الدارسون عناية كبيرة فقاموا بشرحها و تفسيرها لأنها تحفة فنية و دينية قيمة. و من وصاياه التي رواها تلميذه الشهير الحسن الشاذلي :
” لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله و لا تجلس إلا حيث تأمن غالباً من معصية الله، ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة الله و لا تصطفي لنفسك إلا من تزداد به يقينا.”
توفي مولاي عبد السلام بن مشيش مقتولا، كان ذلك سنة 622 هجرية في زمن الدولة الموحدية. قتله أتباع المدعو محمد بن أبي الطواجين الكتامي الذي ادعى النبوة. إذ تربص القتلة بالشيخ مولاي عبد السلام و هو نازل من خلوته وقت السحر لكي يتوضأ. لما قفل عادا إلى خلوته قتله أتباع ابن أبي الطواجين و دفن في جبل العلم و أصبح مدفنه مزارا يحج اليه العديد من الناس.