آخر الأخبار

امريكا و الأوضاع العربية المشرقية البؤرة اللبنانية – 4 –

كان الحديث عن نبذ فكرة المؤامرة وأبعادها مدخلا ضروريا لولوج أدغالها في لبنان وسوريا والعراق ( ناهيك عن اليمن وفلسطين ) . وقد قلت ، أن مال الصراع في هذه الأوطان ، سيكون فاصلا في تطور الاتجاه العام للأوضاع العربية في المستقبل المنظور . ويعود ذلك إلى أنها جميعا بؤر المواجهة مع الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية . والبدء بلبنان . هذا البلد العربي الحديث النشأة الكيانية بين 1920 ( دولة لبنان الكبير ) و 1943 سنة الاستقلال عن الانتداب الفرنسي ) . إنه بلد المفارقات الكبرى . فهو البلد الذي تمتع أهله باوسع جميع الحريات في التعبير ، لم يصلها بعد أي بلد عربي ، لكن منظومته الديمقراطية ولدت من الأصل معاقة البنية القيودها الطائفية والمذهبية . وهو البلد الذي تزي باسي بزي البرجوازي المدني الذي يقوم مشرقيا بدور الوسيط المالي 4/11 بی خيل للبعض أنه نسخة أخرى لسويسرا ثانية في الشرق العربي . لكن حیرت بتغير أحوال المنطقة ، وما بقي من سويسرا المزعومة سوى الحياد الموهوم ” الذي مازال يداعب خیالات آتية من الماضي . وهو البلد الذي قدم خدمات جلی للثقافة واللغة العربيتين ، والذي احتضن الثورة الفلسطينية بسخاء ، وأنجب من بينه مقاومة مقتدرة منحته المنعة والقوة الرادعة ، لكن العروبة التحررية فيه ما انفكت تعاني من شد وجذب ، والحنين إلى ماضي ” قوة لبنان في ضعفه ” ما زالت رياح تهب بين منعطف وآخر ! مفارقات عديدة ساحاول الوقوف سريعا عند بعض خلفياتها . قد يتعجب المرء كيف لكيان يعيش أوج أزماته الاقتصادية والاجتماعية ، تضعه على حافة الإفلاس والفوضى ، لا يستطيع ( أو لا يريد الرئيس المكلف ، لنحو سبعة أشهر مضت ، تشكيل حكومته ( ؟ ! ) . والدستور لا يلزمه بمدة محددة . وقد يكون هذا السماح الدستوري اللامحدود ، حكمت خلفياته لدى المشرعين الروح الطائفية المذهبية للهندسة الدستورية . فما دام رئيس الحكومة ينبغي أن يكون ، بالعرف ، سني المذهب ، و له افتراضا ، التمثيلية الشعبية الأوسع ، فإن أي أزمة في التشكيل من النوع الحالي ، سوف تنم بالضرورة عن أزمة بين الطوائف والمذاهب ، وحلها سيكون أكبر وأصعب من تقنين زمني دستوري قد يعقدها ولا يساعد على حلها . و في جميع الحالات ، ليست هذه أول مرة تقع فيها أزمات من هذا النوع ، فهذه من خصائص لبنان الذي تنشد اللعبة السياسية الطائفية فيه إلى تغير توازنات التدخلات الخارجية المؤثرة عليه في كل مرحلة . وإذا كان ليس بالوسع ، هنا ، تحليل هذه البنية في شمولیتها : الكيان ، والنظام الطائفي ، والدولة ، والصراعات الاجتماعية والسياسية في مراحلها المختلفة ، فبالإمكان تقديم بعض الاستخلاصات الراهنة منها :