آخر الأخبار

” الكولسة”  و هلوسة إعلام الكابران الأعظم 

إدريس الأندلسي  

تعددت أسباب تحقيق نمو اقتصاي و ازدهار تنموي  و تجمعت هذه الأسباب في بلاد الجزائر و لم تحقق أي شيء. تصدر سونطراك بترولا  و غازا بلغت قيمته….مليار دولار.  و لا زال المواطن الجزائري ينتظر النتائج.  الملايير اختفى أثرها على مستوى عيش ملايين الجزائريين،  و أستمر سعيهم إلى الحصول على حليب  و سميد  و قارورة غاز  و سردين  و لحم عبر طوابير طويلة  و كبيرة. أصبحت القدرة الشرائية لهؤلاء المظلومين كورقة تحملها رياح الظلم  و السيطرة  و الهيمنة على مداخيل الدولة إلى ظلمات ما بعدها ظلمات.  الجزائر دولة بترولية  و غازية غنية  و لكن هذا الغنى لا يعكسه مستوى عيش المواطنين. استمع كثيرا لما يقوله الجزائريون الأحرار عن الاغتناء الفاحش الذي يحققه أبناء الكابرانات  و علية القوم الذين حولوا ما يسمى ببلد” المليون شهيد” إلى بلد تسيطر على مقدراته قلة قليلة من نخبة سياسية و عسكرية. و استمع كذلك، خلال هذه الأيام ، إلى ما يقال في القنوات الجزائرية عن تهاوي منتخبهم إلى الحضيض. تأكدت أن الأمر أكبر من كرة القدم  و أن كثير من المعلقين فقدوا العقل  و البوصلة  و أصبحوا أكثر اقترابا من مستشفى الأمراض النفسية. ” الكولسة”،  أي تدبير الأمور خفية كصورة مستقاة من كواليس المسرح، سكنت وجدان مجموعة من الحمقى و  المعتوهين الذين يسكنون قنوات نظام العسكر الجزاءري. 

أحب أن أرى منتخب بلادي في أعلى المراتب ككل المغاربة،  و لكنني لن أحزن كثيرا إذا لم يحقق النتيجة الإيجابية التي أتمناها.  إنها كرة القدم  و الأمر فيها يرجع إلى قدرة فريق ما،  في زمن ما ، و بخطة ما و بنفسية معينة على الانتصار. الأمر لا يحتمل استغلال نتيجة في تظاهرة رياضية لتبرير كل شيء. أصبح مفهوم الكولسة مبررا لكل فشل جزائري في عدم الاستجابة لتطلعات شعب في العيش الكريم. لا أدري إن كان ” الصحافيون” في قتوات  الجزاءر يعبرون عن رأيهم أو أنهم مجرد ابواق لطغمة ظالمة. لا أظن أن الأحرار من ذوي الرأي قد غابوا في بلاد الاوراس الذين ” عقدوا العزم أن تحيا الجزاءر”. أنهم حاضرون رغم القمع و التضييق  على حرية التعبير.

غريب  و مدهش أن يختلق نظام سياسي منظومة من المفاهيم  و يحاول غرسها في عقول الأطفال و الشباب لتكريس هيمنته. يحاول نظام الكابرانات عملاء الإستعمار الفرنسي أن يعمق الظلم المسلط على الشعب منذ عقود من طرف قوى خارجية.  ” الحكرة” أي الاحتقار كلمة يرددها الحاكمون المستفيدون من ملايير الدولارات لكي يظل شعبهم منشغلا بعدو خارجي يصورونه كسبب في كل مشاكلهم. إنه مرض مستشر في جسم صحافة حتى النخاع. يصورون انهزامهم في الكوت ديفوار كنتيجة للكولسة  و للمخزن المغربي  و لسطوة فوزي لقجع في الكاف. و يستمر الصراخ في الاستديوهات  بطريقة مجنونة تكاد تحسبها تهم قضايا مرتبطة بضحايا التقتيل الإسرائيلي لأطفال  و نساء  و شيوخ غزة الشامخة.  الأمر يا مرضى ” الكولسة” لا يرتبط سوى بمناسبة رياضية تجمع بين الشعوب و المشاركة فيها لا تضمن الفوز  و لا تحمي من الهزيمة. 

الكولسة  الجزائرية كخطاب يعكس الإحباط الذي أصاب الطغمة الحاكمة بعد أن خفت بريق ديبلوماسية البترودولار. تعودت الجزاءر، منذ انقلاب بومدين على بن بلة سنة  1965، أن تشتري المواقع  و المواقف.  لكنها أكتشفت خلال السنوات الأخيرة أن هذه التجارة الدبلوماسية افضت إلى إفلاس  و عزلة  و خسوف على الصعيد الأفريقي و الدولي. اكتشف الكثير من الأفارقة  و الاوروبيين حقيقة الغليان الجزاءري المصطنع  و الغلو في التعبير عن المواقف. اكتشف الجميع أن دول أفريقيا رحبت بصدق من أجل رجوع المغرب إلى الإتحاد الأفريقي و ما سببه هذا الرجوع من أزمات نفسية  و صحية للكابرانات.  اكتشف الجميع أن الشعب الجزاءري قد ناضل من أجل حريته  و تم قمعه من طرف العسكر  و الزج بالمعارضين في غياهب سجون المخابرات التي لا تعير لحقوق الإنسان أي إهتمام.  و كان من الضروري أن يتم تسخير كل المناسبات لشحن المواطنين البسطاء للعدو الخارجي.  و مع الأسف يتم اعتبار نجاحات الجار في كل المجالات اعتداء على نظام تنقصه ثقافة الإنجاز. نعم  و ألف نعم،  لدينا مشاكل في كل القطاعات يجب حلها،  و لدينا فاسدون  و نطمح إلى محاربة اقتصاد الريع،  لكننا نعتبر أن هذه المشاكل ليست نتيجة ” كولسة” خارجية،  و لكن نتيجة سوء تدبير داخلي.  و الأمر في البدء  و المنتهى مرتبط بمعاداة نظام للوحدة الوطنية و الترابية للمغرب.  و هذا أمر مقدس لا يقاس بنتائج مباريات كرة القدم.  الأمر و ما فيه استيلاء الخونة على مقاليد الحكم في بلد شهداءه بالآلاف.  نجح الإستعمار في صباغة رجوعه بالاعتماد على من كانوا في صفوفه من صغار ضباطه الجزائريين. و كان له ما أراد و استولى توفيق  و نزار  و القايد صالح  و شنقريحة على تاريخ قيل أنه كتب في الجبال الشامخات.  الأمر كله كذبة على شعب الجزائر.  إنها كذبة تستمر إلى اليوم في القرن الواحد  و العشرين. و تاج هذه الكذبة الكبيرة مرض خطير تمت تسميته ” بالحكرة ” أي ممارسة الاحتقار على شعب  و بلد. كل الأبواق الجزائرية تنعت من لا يوافقها الرأي بممارسة ” الحكرة ” عليها. وصل المرض الكرغولي  في مجال تأصيل مرض  ” الكولسة  و الحكرة ” إلى درجة الهوس. و لكل ما سبق يزيد اطمئناني على أن جار السوء فيه ما فيه  من الاعطاب  التي نتمنى أن يصلحها لكي يرجع إلى رشده  و خدمة الشعب  فقط لا غير… و السلام على من اتبع الهدى.